اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود الجزء : 1 صفحة : 96
فيمن ليس له بأهل، لما شهد به فيه، و كل ما
كان قربة إلى اللّه شرعا فهو مما ذكر اسم اللّه عليه، و أهل به للّه، و إن كان
بلفظ التغزل، و ذكر الأماكن و البساتين و الجوار، و كان القصد بهذا كله ما يناسبها
من الاعتبار في المعارف الإلهية و العلوم الربانية، فلا بأس و إن أنكر ذلك المنكر،
فإن لنا أصلا يرجع إليه فيه، و هو أن اللّه تعالى يتجلى يوم القيامة لعباده في
صورة ينكر فيها، حتى يتعوذ منها، فيقولون «نعوذ باللّه منك ليست بربنا» و هو يقول:
«أنا ربكم» و هو هو تعالى.
و قد ذم اللّه قوما اتخذوا دينهم لهوا و لعبا، و هم في هذا الزمان
أصحاب السماع، أهل الدف المزمار، نعوذ باللّه من الخذلان.
ما
الدين بالدف و المزمار و اللعب
لكنما
الدين بالقرآن و الأدب
و قال:
إن
التواجد لا حال فتحمده
و
لا مقام له حكم و سلطان
يزري
بصاحبه في كل طائفة
و
ما له في طريق القوم ميزان
بل
ذمه القوم لما كان منقصة
و
النقص ما فيه في التحقيق رجحان
و
كل ما هو فيه من يقوم به
فإنه
كله زور و بهتان
فأهل السماع و الوجد و الأشعار- التي أهلت لغير اللّه- هم أبعد الخلق
عن الحق، فإنهم أكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه، و لما كان الوجد يستدعي التنزل،
جاء في الآية وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ وَ إِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى
أَوْلِيائِهِمْ في مقابلة الوحي الحق، فتفطن.
و أما السماع المتعارف، و هو الغناء، فمذهبنا فيه أن الرجل المتمكن
من نفسه لا يستدعيه، و إذا حضر لا يخرج بسببه، و هو عندنا مباح على الإطلاق، لأنه
لم يثبت في تحريمه شيء عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و لا أعني بالنغمات
المسموعة في الشعر فقط، و إنما أعني بوجود النغمة في الشعر و غيره، و تركه أولى و
لا سيما إن كان ممن يقتدى به من المشايخ، و ما أحسن قول اللّه عز و جل: وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَ ما يَنْبَغِي لَهُ فناهيك من خصلة لم يرضها لنبيه، و قال:
إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَ قُرْآنٌ مُبِينٌ
فما ظنك بالعارف هل يعرّج على كلام غير كلام سيده!! و كل من سمع من الشيوخ فهو على
أحد أمرين:- إما قبل أن تحصل له مرتبة التمكين، فالسماع عندنا عليه حرام في ذلك
الوقت، أو سمع بعد التمكين بشروطه
اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود الجزء : 1 صفحة : 96