اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود الجزء : 1 صفحة : 93
يدل عليه عند السامع، و إن لم يكن كذلك فلا
فائدة فيه، و من الضمائر لفظة ذا، و هي من أسماء الإشارة، و كذلك لفظة ياء
المتكلم، و كذلك لفظة أنت، و تاء المخاطب، و لفظة نحن، و لفظة إنّا مشددة، و لفظة
نا، و كذلك حرف كاف الخطاب، فهذه كلها أسماء ضمائر و إشارات و كنايات، تعمّ كل
مضمر و مخاطب و مشار إليه و مكنّى عنه، و أمثال هذه، و مع هذا فليست أعلاما، و
لكنها أقوى في الدلالة من الأعلام، لأن الأعلام قد تفتقر إلى النعوت، و هذه لا
افتقار لها، و ما منها كلمة إلا و لها في الذكر بها نتيجة، و ما أحد من أهل اللّه
أهل الأذواق، نبّه على ذلك في طريق اللّه للسالكين بالأذكار، إلا على لفظة «هو»
خاصة، و جعلوها من ذكر خصوص الخصوص، لأنها أعرف من الاسم «اللّه» عندهم في أصل
الوضع. لأنها لا تدل إلا على العين خاصة المضمرة، من غير اشتقاق، و إنما غلّبها
أهل اللّه على سائر المضمرات و الكنايات، لكونها ضمير غيب مطلق عن تعلق العلم
بحقيقته، و قالوا: إن لفظة «هو» ترجع إلى هويته التي لا يعلمها إلا هو، فاعتمدوا
على ذلك، و ما علمت الطائفة أن غير لفظة «هو» في الذكر أكمل في المرتبة، مثل الياء
من إنّي، و النون من نزّلنا، و لفظة نحن، فهؤلاء أعلى مرتبة في الذكر من هو، في حق
السالك لا في حق العارف، فلا أرفع من ذكر «هو» عند العارفين، و كما هي عندهم أعلى
في الرتبة من لفظة هو، كذلك هي أعلى من أسماء الخطاب، مثل كاف المخاطب و تائه و
أنت، فإنه لا يقول: إنّي و أنا و نحن، إلا هو عن نفسه، فمن قالها به فهو القائل، و
لذكر اللّه أكبر، فنتيجته أعظم، لأن الذكر يعظم بقدر عظم علم الذاكر، و لا أعلم من
اللّه، و باقي أسماء الضمائر، مثل هو و ذا و كاف الخطاب، هي من خواص عين المشار
إليه، فهي أشرف من ال «هو»، و مع هذا فما أحد من أهل اللّه سنّ الذكر بها كما
فعلوا بلفظة هو، فلا أدري هل منعهم من ذلك عدم الذوق لهذا المعنى، و هو الأقرب،
فإنهم ما جعلوها ذكرا، فإن قالوا: فإنها تطلب التحديد، قلنا: فذلك سائغ في جميع
المضمرات، و نحن نقول بالذكر بذلك كله مع الحضور على طريق خاص، و قد ورد في الشرع
ما يقوي ما ذهبنا إليه، من ذلك قوله صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه قال على لسان
عبده، سمع اللّه لمن حمده؛ و قوله عن اللّه: كنت سمعه و بصره و لسانه و يده و
رجله؛ و الحق بلا شك هو القائل بالنون و إنّا و أنا و نحن و إنّي، فلنذكر بها
نيابة عنه، أو نذكره به لأنه الذاكر بها على لساني،
اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود الجزء : 1 صفحة : 93