و اللّه يوفقنا و إياكم لاستعمال هذه الأركان، و ينزلنا و إياكم
منازل الإحسان، إنه هو الولي المنان، و الحمد للّه وحده و صلى اللّه على سيدنا
محمد و آله و صحبه و سلم.
مخالفة النفس
اعلم أيدك اللّه أن مخالفة النفس هو الموت الأحمر، و هو حال شاق
عليها، و هي المخالفة نفسها، فالمخالف عين المخالف، و هذا من أعجب الأمور، أعني
وجود المشقة، نعم لو كان المخالف نفسا أخرى لم يكن التعجب من حصول المشقة في ذلك،
و اعلم أنه لا تخالف النفس إلا في ثلاثة مواطن، في المباح و المكروه و المحظور لا
غير، و أما إذا وقعت لها لذة في طاعة مخصوصة و عمل مقرب فهناك علة خفية، يخالفها
بطاعة أخرى و عمل مقرب، فإن استوى عندها جميع التصرفات في فنون الطاعات سلمنا لها
تلك اللذة، بتلك الطاعة الخاصة، و إن وجدت في العمل المقرب الآخر الذي هو خلاف هذا
العمل، فالعدول إلى الشاق واجب، لأنها إن اعتادت المساعدة في مثل هذا، أثرت في
المساعدة في المحظور و المكروه و المباح، فالوجود و الفتح مقرونان بمخالفة النفس،
في كل شيء ينبغي أن تخالف فيه، و مخالفتها عين مساعدتها، فإنها بها تخالفها،
فانتقلت منها إليها، فما زلت عنها. (ف ح 2/ 194، 195)
الخصال الخمسة الباطنة
و أما الخمسة الباطنة فإنه حدثتني المرأة الصالحة- مريم بنت محمد بن
عبدون بن عبد الرحمن البجائي- قالت: رأيت في منامي شخصا كان يتعاهدني في وقائعي، و
ما رأيت له
[1] - الأربعة الأبيات 1، 2، 5، 6 ذكرت بالفتوحات
المكية الجزء الثاني ص 182.
اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود الجزء : 1 صفحة : 75