responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 74

للمشاهدات، و سهر العين رغبة في بقاء الهمة في القلب لطلب المسامرة، فإن العين إذا نامت بطل عمل القلب، فإن كان القلب غير نائم مع نوم العين، فغايته مشاهدة سهره المتقدم لا غير، و أما أن يلحظ غير ذلك فلا، ففائدة السهر استمرار عمل القلب، و ارتقاء المنازل العلية المخزونة عند اللّه تعالى، و حال السهر تعمير الوقت خاصة للسالك و المحقق، غير أن المحقق في حالة زيادة التخلق الرباني لا يعرفه السالك، و أما مقامه فمقام القيومية، و ربما بعض أصحابنا منع أن يتحقق أحد بالقيومية، و بعضهم منع من التخلق بها، لقيت أبا عبد اللّه بن جنيد[1] فوجدته يمنع من ذلك، و أما نحن فلا نقول بذلك، فقد أعطتنا الحقائق أن الإنسان الكامل لا يبقى له في الحضرة الإلهية اسم إلا و هو حامل له، و من توقف من أصحابنا في مثل هذه المسألة فلعدم معرفته بما هو الإنسان عليه في حقيقته و نشأته، فلو عرف نفسه ما عسر عليه مثل هذا، و السهر يورث معرفة النفس.

تمت أركان المعرفة، إذ المعرفة تدور على تحصيل هذه الأربعة المعارف، معرفة اللّه، و النفس، و الدنيا، و الشيطان، فإذا اعتزل الإنسان عن الخلق و عن نفسه، و صمت عن ذكره بذكر ربه إياه، و أعرض عن الغذاء الجسماني، و سهر عند موافقة نوم النائمين، و اجتمعت فيه هذه الخصال الأربعة، بدلت بشريته ملكا، و عبوديته سيادة، و عقله حسا، و غيبه شهادة، و باطنه ظاهرا، و إذا ترحل عن موضع ترك بدله فيه حقيقة روحانية، يجتمع إليها أرواح أهل ذلك الموطن الذي رحل عنه هذا الولي، فإن ظهر شوق- من أناسي ذلك الموطن- شديد لهذا الشخص، تجسدت لهم تلك الحقيقة الروحانية التي تركها بدله، فكلمها و كلمته، و هو يتخيل أنه مطلوبه، و هو غائب عنه، حتى يقضي حاجته منه، و قد تتجسد هذه الروحانية إن كان من صاحبها شوق أو تعلق همة بذلك الموطن، و قد يكون هذا من غير البدل، و الفرق بينهما أن البدل يرحل و يعلم أنه ترك بدله، و غير البدل لا يعرف ذلك و إن تركه‌[2]، لأنه لم يحكم هذه الأربعة الأركان التي ذكرناها، و في ذلك قلت:


[1] - ذكر هذا الموضوع في كل من الفتوحات المكية الجزء الثالث ص 45، و الجزء الرابع ص 179، و في كتاب ذخائر الأعلاق ترجمان الأشواق.

[2] - هذا هو الفرق بين الأبدال و البدلاء.

اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست