responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 70

فصل‌

لما سعف الزاهد بترك دنياه، و المتوكل يكله أمره إلى مولاه، و المريد بالسماع و الوجد، و العابد بالعبادة و الجهد، و الحكيم العارف بالهمة و القصد، و غاب العالمون الحاكمون في الغيب، فلم يعرفهم عالم و لا مريد و لا عابد، و لا شهدهم متوكل و لا زاهد، فترك الزاهد للعوض، و توكّل المتوكل لنيل الغرض، و تواجد المريد لتنفيس الكرب، و اجتهاد العابد رغبة في القرب، و قصد العارف الحكيم بهمته الوصول، و إنما يتجلى الحق لمن انمحى رسمه، و زال عنه اسمه، فالمعرفة حجاب على المعروف، و الحكمة باب عنده يكون الوقوف، و ما بقي من الأوصاف فأسباب كالحروف، و هذه كلها علل تعمي الأبصار، و تطمس الأنوار، فلو لا وجود الكون لظهر العين، و لو لا الأسماء لبرز المسمى، و لو لا المحبة لاستمر الوصال، و لو لا الحظوظ به لملكت المراتب، و لولا الهوية لظهرت الإنية، و لو لا هو لكان أنا، و لو لا أنت لبدا رسم الجهل قائما، و لو لا الفهم لقوي سلطان العلم، فإذا تلاشت هذه الظلم، و طارت بمرهفات الفنا هذه التهم.

تجلى لقلبك من لم يزل‌

به قاطنا في غيوب الأزل‌

و ما حجب العين عن دركها

سواك و لكن بضرب المثل‌

تبين للقلب أن الذي‌

رآه به دائما لم يزل‌

و جاء الخطاب بعلم الكلام‌

و يبدي سناه رسوم المحل‌

فصل‌

كان لنا بمرشانة الزيتون ببلاد الأندلس صاحب من الصالحين، يعلم القرآن، و كان فقيها مجيدا حافظا، ذا ورع و فضل و خدمة للفقراء، اسمه عبد المجيد بن سلمة[1] وفقه اللّه، قال: بينا أنا ليلة في مصلاي قد أكملت حزبي، و جعلت رأسي بين ركبتي أذكر اللّه تعالى، إذ تحسست لشخص قد نقض مصلاي من تحتي، و بسط عوضا منه حصيرا حصيفا، و قال: صل عليه- و باب بيتي علي مغلق- فداخلني منه جزع، فقال لي: اتق اللّه في كل حال، ثم إني ألهمت فقلت له: يا سيدي بماذا يصير الأبدال أبدالا؟ فقال لي:


[1] - ذكره الشيخ في الفتوحات المكية الجزء الأول ص 277 و الجزء الثاني ص 7.

اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 70
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست