responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 67

ذلك، فإن فيها من يطلب ذلك، و أنت بالسر الإلهي و الروح الأمري بمعزل عن هذا الطلب الذي تطلبه النفس الحيوانية، فإنك مجموع، و لا تلحق بأهل الغلط من أهل هذه الطريق، الذين يجوعون تلامذتهم من غير صوم، أو يصومونهم ثم يطعمونهم قبل غروب الشمس، ذلك غلط منهم، و جهل بطريق اللّه تعالى، و إن كانوا يقصدون بذلك مخالفة النفوس فما هذا موضعه، و بلسانهم أقول:

أجوع و لا أصوم فإن نفسي‌

تنازعني على أجر صيام‌

فلو فنيت أجيرتها لقلنا

بإيجاب الصيام و بالقيام‌

فإن العبد عبد اللّه ما لم‌

يكن في نفسه هدف لرامي‌

إنما ينبغي أن يخالفوها في تعيين المأكول على حد مخصوص و وجه معين، و ميزان مستقيم يعرفه أهل اللّه، فإذا مالت إلى طعام خاص معين عندها، حتى لا تكره شيئا من نعم اللّه، و لقد عملت على هذا زمانا حتى طاب لي كل شي‌ء، كنت لا أقدر على أكله و تمجه نفسي، و كذلك من التقليل منه، و هو أشد على النفس أن تشرع في شي‌ء ثم يحال بينها و بين التملي منه.

الجوع بئس ضجيع العبد جاء به‌

لفظ النبي فلا ترفع به راسا

قد أدرك القوم في تعيينه غلط

و لم يقيموا له وزنا و قسطاسا

من قال ما الجوع؟ لم يعرف حقيقته‌

و قد أضل بما قد قاله الناسا

جوع العوائد محمود و لست أرى‌

فيما أراه من استعماله باسا

جوع الطبيعة مذموم و ليس يرى‌

فيه المحقق بالرحمن إيناسا

فترك الجوع عند القوم ليس الشبع، و إنما هو إعطاء النفس حقها من الغذاء التي جعل اللّه به صلاح مزاجها و قوام بنيتها، فإذا أحس صاحب هذه الحالة بالجوع فذلك جوع العادة، خرّج أبو بكر البزار في مسنده أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم كان يتعوذ من الجوع و يقول: «إنه بئس الضجيع» و لا يذم حالا يعطي الفوائد، فدل أنه لا فائدة في مثل هذا الجوع، و أن الفوائد فيما أظهر الشرع ميزانه من ذلك، فترك الجوع عبادة، و طريق موصلة إلى اللّه، و بهذا فضل سلمان على أبي الدرداء، و شهد له بذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم «إن لنفسك عليك حقا، و لعينك عليك حقا، و لزورك عليك حقا، و لأهلك عليك حقا، فقم و نم، و صم‌

اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 67
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست