responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 33

الخير، و كان في ميزانه، فما كل حق مأمور به، و لا مستحسن شرعا، و لا عرفا، و كذلك من يجبه الناس بما يكرهون- و إن كان حقا- فإنه يدل على لؤم الطباع، و الجهل و قلة الحياء من اللّه، فإنه بعيد أن يسلم في نفسه من عيب يكون فيه لا يرضي اللّه، فلو اشتغل بالنظر في عيبه لشغله ذلك عن عيب غيره، و من التزم تتبع حركات صاحبه بحيث أن يقيد عليه أنفاسه، فهو من أشد الأمراض، فإنه شغل بما لا يعنيه، و غفلة عن نفسه، و النفس تخزنه عندها في زمان صداقته ليوم ما، و هو لا يشعر، و يحجبه عن هذا الشعور محبته فيه في الوقت، فإذا وجد في نفسه أدنى كراهة في صاحبه أو إعراض، لملل أو هفوة صدرت منه في حقه، أخرج ما كان عنده مخزونا من القبائح التي كان خبأها عنده، و اختزنها له في نفسه في تتبعه، فيقول له في معرض التوبيخ:- ألم تقل كذا في يوم كذا؟ ألم تفعل كذا في يوم كذا؟ ثم إذا عدد عليه ما كان اختزنه يقول له: و هذا كله يدل على قلة الدين، و أنا كنت أرى منك هذا كله، و أقول لعل له في هذا وجها، و لا وجه لك فيه في الشرع، و هذا خلاف الحق، فيسمعه ما يكره و ما كان غافلا عنه، و ما كان يعلم أن هذا يحصي عليه أنفاسه، و يرجع عليه من أكبر الأعداء، و أصل هذا كله من التتبع لمثالبه و اختزانه إياها في خزانة نفسه، و ذلك لسوء الطبع و دناءة الأصل و الفرع، و هذا يوجد في الأصحاب و الأصدقاء كثيرا، و قد قيل في ذلك:

احذر عدوك مرة

و احذر صديقك ألف مرة

فلربما هجر الصديق‌

فكان أعرف بالمضرة

و هذا كله و بال يعود على قائله و إن كان حقا.

و من أمراض الأقوال السؤال عن أحوال الناس و ما يفعلون، و لم جاء فلان؟ و لم مشى فلان؟ و السؤال عن كل ما لا يعني، و سؤاله عن أهله ما فعلوا في غيبته؟ دواؤه التأسي برسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في كونه ما أتى أهله من سفره ليلا، و نهيه أصحابه عن ذلك، حتى لا يفجأهم فيرى منهن ما يكره، و الاستئذان من هذا الباب إبقاء للستر، فإنه قد علم أن لكل أحد هنات، و أيضا فما كل ما يعمله الإنسان- و إن كان خيرا- يجب أن يعلمه منه كل أحد، فإذا ألح هذا السائل عن العلم به أضر بالمسؤول، حيث جعله ينطق بما لا يريده، أو يكذب، فإن لم ينطق أثر في نفس السائل حزازة، و يقول: لو كنت عنده بمكانة ما ستر

اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 33
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست