responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 31

فقد تصدق و تخطى‌ء، بحسب قوة التصوير و حفظ أجزاء الصورة، و كل أول فهو إلهي صادق، فإذا أخطأ فليس بأول، و إنما ذلك حكم الصورة التي وجدت في المرتبة الثانية، فما يمر من هؤلاء السفرة الكرام البررة على هذه الطرق المعينة لهذا القلب، يلقى من هو عليه من ملك و شيطان و نفس، فيأخذه من بادر إليه من هؤلاء بالتلقي، فإن أخذه الملك، و هو مما يقتضي وجود عمل سعادي، أوحي إليه الملك في سره اعمل كذا و كذا، فيقول له الشيطان: لا تعمله و أخره إلى وقت كذا، طمعا منه في أن لا يقع منه ما يؤدي إلى سعادته، و هو ما يجده الإنسان من التردد في فعل الخير و تركه، و في فعل الشر و تركه، و كذا إذا جاءه على طريق الإباحة فذلك التردد في فعل المباح و تركه إنما هو بين النفس و الشيطان، لا بين الملك و الشيطان، فإن لمة الملك و لمة الشيطان المقابلة إنما تكون في الأربعة الطرق من الأحكام، و أما في المباح فلمة الشيطان خاصة و ما له منازع إلا النفس، و إنما كان للنفس المباح دون غيره لأنها جبلت على جلب المنافع و دفع المضار، و الأمر أبدا يتقدم النهي في لمة الملك و الشيطان، فصاحب الأمر في الشر هو الشيطان، فله التقدم، و صاحب الأمر في الخير إنما هو الملك، و له التقدم، فلا يرد نهي إلا بعد أمر، و لا عكس في مثل هذا في هذه الحضرة.

و تختلف آثار الخواطر في النفس باختلاف من يتعرض لها في طريقها، فإن لم يتعرض لها أحد ممن ذكرنا، فذلك خاطر العلم، لا يكون خاطر عمل البتة، و هو الخاطر الرباني، و خواطر الأعمال تكون ملكية و شيطانية و نفسية، لا غير ذلك، فَأَلْهَمَها فُجُورَها عملا أو تركا لمجيئه على يد شيطان، وَ تَقْواها عملا أو تركا لمجيئه على يد ملك، فمن راقب خواطره من طرقها فقد أفلح، فإنه يعلم من يأخذها و من يتعرض إليها من القاعدين لها كل مرصد، و من غفل عن طرقها و ما شعر بها حتى وجدها في المحل كما تجدها العامة، عمل بمقتضاها، و هو عمل الجاهل بالشي‌ء، فإن كان خيرا فبحكم المصادفة، و إن كان شرا فكذلك، لأن الخاطر الأول الذي أتاه بالعلم بمن يأتي بعده من الخواطر، و على يد من يأتيه، لم يشعر به و لا علمه و لا شاهده، ففاته حكمه، فلما فجئته هذه الخواطر العملية على حين غفلة و عدم تيقظ و مراقبة لطرقها عمل بمقتضاها، فكان خيره و شره مصادفة.

و الخواطر كلها خطابات إلهية ما هي تجليات، و لهذا ينشئها اللّه صورا تحدث في العماء

اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 31
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست