responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 104

سمعته، و لا تشاوره في أمر تفعله فإنك تناقض أصلك، فإن الأصل الذي ربطت عليه أمرك ألا تريد إلا ما أراده شيخك، فإذا خطر لك شي فاتركه عن نفسك، و التفت لما يرسمه لك، و عليه اعتمد، فإن من الشيوخ من إذا شاورته في أمر قال لك: افعله، و إن كان لا يريد ذلك، فإن الحال يعطيهم ذلك، و هو يضر بك، و إن قال لك: لا تفعله، نفعك و ضر نفسه، و صلاح نفسه عنده أولى، فما تسلم من هذا الضرر، إلا بأن لا تشاوره في أمر خطر لك أن تفعله، و لكن اترك ذلك الخاطر و لا تفعله، فإن وقتك قد عمّره ما كلفك به شيخك، و إنما تقع الخواطر للمريد السوء البطّال الفارغ، ظاهرا و باطنا، و لا تعترض عليه في فعل من أفعاله، و لا تسأله لم فعلت ذلك؟ و تلمذ و اخدم كل من قدمه عليك شيخك، و لا تقعد مقعدا حيث كنت، إلا و تتيقن أن الشيخ يراك، فالزم الأدب و لا تمش أمامه في طريقه إلا بليل، و لا تدم النظر إليه فإن ذلك يورث قلة الحياء، و يخرج الاحترام من القلب، و لا تكثر مجالسته، و ليكن جلوسك في بيت خلوتك، أو خلف باب بيت الشيخ، حتى إذا أرادك وجدك، و لا تقض لأحد حاجة و لو كان أباك حتى تشاور شيخك، و لا تدخل عليه متى ما دخلت عليه إلا قبلت يده و أطرقت، و تحبب إليه بامتثال أمره و نهيه لك، و كن حافظا شحيحا على عرضه، و إذا قدمت له طعاما، فألقه أمامه بجميع ما يحتاج إليه، وقف خلف الباب، فإن دعاك فأجبه، و إلا فاتركه حتى يفرغ، و إذا فرغ فأزل المائدة أو السفرة إذا أمرك، فإن بقي من طعامه شي‌ء و أمرك بالأكل فكله، و لا تؤثر بنصيبك أحدا، و إياك أن تحدّث نفسك أن الشيخ يأكل وحده، فتستعظم أكله و إن كان طعاما كثيرا فيفرغ، أو تقع فيه من أجل الخبر فيمن أكل وحده، و اجهد أن لا يراك فيما لا يسره منك، و لا تتمن عليه، و احذر مكر الشيوخ، فإنهم يمكرون بالطالب في أوقات، فحافظ على أنفساك في الحضور معه، فإن وقعت منك زلة في حق أدب مع الشيخ، و عرفت أنه قد عرّف بها، و سامحك فيها و لم يعاقبك، فاعلم أنه قد مكر بك و قد علم أنه لا يجي‌ء منك شي‌ء، و لهذا سكت عنك، و إذا عاقبك على الخطرة و اللحظة، و ضايق عليك أنفاسك، فأبشر بالقبول و الفتح و الرضى، و لا يدللك عليه بسطه، بل كلما انبسط فلتزد في قلبك المهابة و الإجلال، و تعظيم الاحترام و الاحتشام.

كلما ازداد بسطة و خضوعا

زدت فيه مهابة و جلالا

اسم الکتاب : الطريق الى الله تعالي من كلام الشيخ الأكبر محيى الدين ابن العربى المؤلف : غراب، محمود محمود    الجزء : 1  صفحة : 104
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست