responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم    الجزء : 1  صفحة : 542

الفقير عن درجة الحقيقة إلى رخصة الشريعة فقد فسخ عقده‌[1] مع اللّه، و نقض عهده فيما بينه و بين اللّه تعالى.

ثم يجب على المريد أن يتأدب بشيخ؛ فان لم يكن له أستاذ لا يفلح أبدا. هذا أبو يزيد يقول: من لم يكن له أستاذ فإمامه الشيطان.

و سمعت الأستاذ أبا على الدقاق يقول: الشجرة إذا نبتت بنفسها من غير غارس فإنها تورق، و لكن لا تثمر؛ كذلك المريد إذا لم يكن له أستاذ يأخذ منه طريقته نفسا نفسا[2] فهو عابد هواه، لا يجد نفاذا.

ثم إذا أراد السلوك فبعد هذه الجملة يجب أن يثوب إلى اللّه سبحانه من كل زلة؛ فيدع جميع الزلات: سرها و جهرها، صغيرها و كبيرها، و يجتهد فى إرضاء الخصوم أولا، و من لم يرض خصومه لا يفتح له من هذه الطريقة بشئ.

و على هذا النحو جروا، ثم بعد هذا يعمل فى حذف العلائق و الشواغل؛ فإن بناء هذا الطريق على فراغ القلب.

و كان الشبلى يقول للحصرى فى ابتداء أمره: إن خطر ببالك من الجمعة إلى الجمعة الثانية التى تأتينى فيها غير اللّه تعالى فحرام عليك أن تحضرنى.

و إذا أراد الخروج عن العلائق فأولها: الخروج عن المال؛ فإن ذلك الذى يميل به عن الحق، و لم يوجد مريد دخل فى هذا الأمر[3] و معه علاقة من الدنيا إلا جرته تلك العلاقة عن قريب إلى ما منه خرج، فإذا خرج عن المال، فالواجب عليه الخروج عن الجاه، فان ملاحظة حب الجاه مقطعة عظيمة.

و ما لم يستو عند المريد قبول الخلق وردهم لا يجئ منه شئ، بل أضر الأشياء له ملاحظة الناس إياه بعين الإثبات و التبرك به لإفلاس الناس عن هذا الحديث‌[4]، و هو بعد لم يصحح الإرادة، فكيف يصح أن يتبرك؟.

فخروجهم من الجاه واجب عليهم؛ لأن ذلك سم قاتل لهم، فإذا خرج عن ماله و جاهه وجب أن يصحح عقده‌[5] بينه و بين اللّه تعالى، و أن لا يخالف شيخه‌


[1] - أى عزمه و تصميمه.

[2] - أى درجة درجة و مقاما مقاما.

[3] - أى فى التصوف.

[4] - أى عن الملاحظة و التبرك.

[5] - أى عهده.

اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم    الجزء : 1  صفحة : 542
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست