اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 541
فسأل الجنيد عن التوحيد فأجابه، فتحير عبد
اللّه و قال: أعد على ما قلت؟ ..
فأعاده و لكن لا بتلك العبارة.
فقال له عبد اللّه: هذا شئ آخر لم أحفظه، تعيده على مرة أخرى.
فأعاد بعبارة أخرى، فقال عبد اللّه: ليس يمكننى حفظ ما تقول ... أمله
علينا، فقال: إن كنت أجزته[1] فأنا
أمليه، فقام عبد اللّه، و قال بفضله، و اعترف بعلو شأنه.
فاذا كان أصول هذه الطائفة أصح الأصول، و مشايخهم أكبر الناس، و
علماؤهم أعلم الناس، فالمريد الذى له إيمان بهم: إن كان من أهل السلوك و التدرج
إلى مقاصدهم فهو يساهمهم فيما خصوا به من مكاشفات الغيب، فلا يحتاج إلى التطفل على
من هو خارج عن هذه الطائفة، و إن كان مريدا طريقة الاتباع و ليس بمستقل بحاله، و
يريد أن يعرج فى أوطان التقليد إلى أن يصل إلى التحقيق فليقلد سلفه، و ليجر على
طريقة هذه الطبقة[2]؛ فانهم
أولى به من غيرهم.
و لقد سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمى يقول: سمعت أبا بكر الرازى
يقول سمعت الشبلى يقول: ما ظنك بعلم علم العلماء فيه تهمة؟! ..
و سمعته يقول: سمعت محمد بن على بن محمد المخرمى يقول: سمعت محمد ابن
عبد اللّه الفرغانى يقول: سمعت الجنيد يقول: لو علمت أن للّه علما تحت أديم[3] السماء أشرف من هذا العلم الذى
نتكلم فيه مع أصحابنا و إخواننا لسعيت إليه، و لقصدته.
و إذا أحكم المريد بينه و بين اللّه عقده، يجب أن يحصل من علم
الشريعة، إما بالتحقيق، و إما بالسؤال عن[4]
الأئمة ما يؤدى به فرضه، و إن اختلف عليه فتاوى الفقهاء يأخذ بالأحوط، و يقصد[5] الخروج من الخلاف، فان الرخص فى
الشريعة للمستضعفين و أصحاب الحوائج و الأشغال.
و هؤلاء الطائفة ليس لهم شغل سوى القيام بحقه سبحانه، و لهذا قيل:
إذا انحط