اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 486
و كان رحمه اللّه يقول: من الفرق بين
المعجزات و الكرامات: أن الأنبياء : مأمورون باظهارها[1] و الولى يجب عليه سترها و إخفاؤها[2]، و النبى صلى اللّه عليه و سلم
يدعى ذلك[3] و يقطع
القول به، و الولى لا يدعيها[4] و لا
يقطع بكرامته، لجواز أن يكون ذلك مكرا.
و قال أوحد فنه فى وقته[5]
القاضى أبو بكر الأشعرى، رضى اللّه عنه: إن المعجزات تختص بالأنبياء، و الكرامات
تكون للأولياء كما تكون للأنبياء و لا تكون للأولياء معجزة، لأن من شرط المعجزة
اقتران دعوة النبوة بها، و المعجزة لم تكن معجزة لعينها، و إنما كانت معجزة
لحصولها على أوصاف كثيرة، فمتى اختل شرط من تلك الشرائط، لا تكون معجزة. و أحد تلك
الشرائط: دعوى النبوة، و الولى لا يدعى النبوة، فالذى يظهر عليه لا يكون معجزة ...
و هذا هو القول الذى نعتمده و نقول به، بل ندين به.
فشرائط المعجزات، كلها أو أكثرها، توجد فى الكرامة إلا هذا الشرط
الواحد. و الكرامة فعل لا محالة محدث، لأن ما كان قديما لم يكن له اختصاص بأحد، و
هو ناقض للعادة، و تحصل[6] فى زمان
التكليف[7]، و تظهر
على عبد تخصيصا له و تفضيلا. و قد تحصل باختياره و دعائه[8]،
و قد لا تحصل له و قد تكون بغير اختياره فى بعض الأوقات، و لم يؤمر الولى بدعاء
الخلق إلى نفسه و لو أظهر شيئا من ذلك على من يكون أهلا له لجاز.
و اختلف أهل الحق فى الولى: هل يجوز أن يعلم أنه ولى؟ أم لا؟
فكان الإمام أبو بكر بن فورك رحمه اللّه يقول: لا يجوز ذلك؛ لأنه
يسلبه الخوف و يوجب له الأمن.