اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 358
و قال الفضيل[1]:
لأن يصحنى فاجر حسن الخلق أحب إلى من أن يصحبنى عابد سئ الخلق.
و قيل: الخلق الحسن احتمال المكروه بحسن المداراة.
و حكى أن إبراهيم بن أدهم خرج إلى بعض البرارى فاستقبله جندى، فقال:
أين العمران؟ فأشار إلى المقبرة، فضرب رأسه و أوضحه، فلما جاوزه، قيل له:
إنه إبراهيم بن أدهم زاهد «خراسان» فجاءه يعتذر إليه، فقال: إنك لما
ضربتنى سألت اللّه تعالى لك الجنة. فقال: لم؟ فقال علمت أنى أؤجر عليه، فلم أرد أن
يكون نصيبى منك الخير، و نصيبك منى الشر.
و حكى أن أبا عثمان الحيرى دعاه إنسان إلى ضيافة، فلما وافى باب داره
قال:
يا أستاذ، ليس الآن وقت دخولك، و قد ندمت، فانصرف، فرجع أبو عثمان،
فلما وافى منزله عاد إليه الرجل، و قال: يا أستاذ، ندمت.. و أخذ يعتذر إليه، و
قال: احضر الساعة ... فقام أبو عثمان و مضى، فلما وافى باب داره قال: مثل ما قال
فى الأولى، ثم كذلك فعل فى الثالثة و الرابعة، و أبو عثمان ينصرف و يحضر، فلما كان
بعد مرات قال: يا أستاذ، أردت اختبارك. و أخذ يعتذر و يمدحه، فقال أبو عثمان:
لا تمدحنى على خلق تجد مثله مع[2]
الكلاب: الكلب إذا دعى حضر. و اذا زجر انزجر.
و قيل: إن أبا عثمان اجتاز بسكة وقت الهاجرة، فالقى عليه من سطح طشت
رماد، فتغير أصحابه، و بسطوا ألسنتهم فى الملقى، فقال أبو عثمان:
ألا تقولوا شيئا، من استحق أن يصب عليه النار، فصولح على الرماد لم
يجز له أن يغضب
و قيل: نزل بعض الفقراء على جعفر بن حنظلة، فكان جعفر يخدمه جدا، و
الفقير يقول: نعم الرجل أنت لو لم تكن يهوديا .. فقال جعفر عقيدتى لا تقدح فيما
تحتاج إليه من الخدمة؛ فسل لنفسك الشفاء و لى الهداية.