اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 353
فقولوه لى. فوقع فى قلبى أنه يهودى، و كان
الخاطر يقوى و لا يزول. فذكرت ذلك للجريرى، فكبر عليه ذلك، فقلت: لا بد لى أن أخبر
الرجل بذلك؛ فقلت له: تقول لنا ما وقع لكم فى خاطركم فقولوه لى؛ إنه يقع: إنك
يهودى .. فأطرق ساعة ثم رفع رأسه و قال: صدقت، أشهد أن لا إله إلا اللّه، و أشهد
أن محمدا رسول اللّه. و قال: قد مارست جميع المذاهب و كنت أقول: إن كان مع قوم[1] منهم شئ فمع هؤلاء؛ فداخلتكم
لأختبركم، فأنتم على الحق. و حسن إسلامه.
و يحكى عن الجنيد: أنه كان يقول له السرى: تكلم على الناس[2].
فقال الجنيد: و كان فى قلبى حشمة[3]
من الكلام على الناس؛ فانى كنت أتهم نفسى فى استحقاق ذلك .. فرأيت ليلة النبى صلى
اللّه عليه و سلم فى المنام و كانت ليلة جمعة، فقال لى: «تكلم على الناس». فانتبهت
.. و أتيت باب السرى قبل أن أصبح؛ فدققت عليه الباب، فقال: لم تصدقنا حتى قيل لك؟
فقعد للناس فى الجامع بالغد، فانتشر فى الناس أن الجنيد قعد يتكلم على الناس؛ فوقف
عليه غلام نصرانى متنكرا، و قال له: أيها الشيخ، ما معنى قول رسول اللّه (صلى
اللّه عليه و سلم):
«اتقوا فراسة المؤمن؛ فان المؤمن ينظر بنور اللّه تعالى؟