responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم    الجزء : 1  صفحة : 140

فاذا فنى عن سوء الخلق بقى بالفتوة و الصدق.

و من شاهد جريان القدرة فى تصاريف الأحكام، يقال: فنى عن حسبان الحدثان من الخلق، فاذا فنى عن توهم الآثار من الأغيار بقى بصفات الحق.

و من استولى عليه سلطان الحقيقة حتى لم يشهد من الأغيار لا عينا و لا أثرا؛ و لا رسما، و لا طللا؛ يقال: إنه فنى عن الخلق و بقى بالحق.

ففناء العبد عن أفعاله الذميمة، و أحواله الخسيسة: بعدم هذه الأفعال.

و فناؤه عن نفسه، و عن الخلق: بزوال إحساسه بنفسه و بهم.

فاذا فنى عن الأفعال، و الأخلاق، و الأحوال، فلا يجوز أن يكون ما فنى عنه من ذلك موجودا.

و إذا قيل: فنى عن نفسه؛ و عن الخلق، فنفسه موجودة، و الخلق موجودون و لكنه لا علم له بهم و لا به، و لا إحساس، و لا خبر، فتكون نفسه موجودة، و الخلق موجودين و لكنه غافل عن نفسه و عن الخلق أجمعين، غير محس بنفسه و بالخلق.

و قد ترى الرجل يدخل على ذى سلطان؛ أو محتشم، فيذهل عن نفسه، و عن أهل مجلسه هيبة، و ربما يذهل عن ذلك المحتشم، حتى إذا سئل بعد خروجه من عنده، عن أهل مجلسه و هيآت ذلك الصدر[1]، و هيآت نفسه، لم يمكنه الإخبار عن شئ.

قال اللّه تعالى: «فلما رأينه أكبرنه، و قطعن أيديهن».

لم يجدن عند لقاء يوسف 7، على الوهلة[2] ألم قطع الأيدى، و هن أضعف الناس، و قلن: «ما هذا بشرا»- و لقد كان بشرا-.

و قلن: «إن هذا إلا ملك كريم»- و لم يكن ملكا-.

فهذا تغافل مخلوق عن أحواله عند لقاء مخلوق، فما ظنك بمن تكاشف‌[3] بشهود الحق سبحانه؟.


[1] - أى المحتشم، و فى نسخة« و هيئة».

[2] - البغتة.

[3] - أى أزيلت عنه الحجب.

اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم    الجزء : 1  صفحة : 140
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست