اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 128
و قد يكون قبض يشكل على صاحبه سببه: يجد فى
قلبه قبضا لا يدرى موجبه و لا سببه، فسبيل صاحب هذا القبض التسليم، حتى يمضى ذلك
الوقت، لأنه لو تكلف نفيه، أو استقبل الوقت قبل هجومه عليه باختياره زاد فى قبضه.
و لعله يعد ذلك منه: سوء أدب.
و إذا استسلم لحكم الوقت، فعن قريب يزول القبض، فان الحق سبحانه قال:
«و اللّه يقبض و يبسط».
و قد يكون بسط يرد بغتة، و يصادف صاحبه فلتة لا يعرف له سببا، يهز
صاحبه و يستفزه، فسبيل صاحبه: السكون، و مراعاة الأدب، فان فى هذا الوقت له خطرا
عظيما. فليحذر صاحبه مكرا خفيا.
كذا قال بعضهم: فتح على باب من البسط، فزللت زلة، فحجبت عن مقامى.
و لهذا قالوا: قف على البساط، و إياك و الانبساط.
و قد عد أهل التحقيق حالتى القبض و البسط: من جملة ما استعاذوا منه،
لأنهما بالإضافة إلى ما فوقهما من استهلاك العبد و اندراجه فى الحقيقة: فقر و ضر.
سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمى يقول: سمعت الحسين بن يحيى يقول:
سمعت جعفر بن محمد يقول: سمعت الجنيد يقول: الخوف من اللّه يقبضنى، و الرجاء منه:
يبسطنى. و الحقيقة: تجمعنى، و الحق: يفرقنى، إذا قبضنى بالخوف أفنانى عنى، و إذا
بسطنى بالرجاء ردنى على و إذا جمعنى بالحقيقة أحضرنى. و إذا فرقنى بالحق أشهدنى
غيرى، فغطانى عنه، فهو تعالى فى ذلك كله محركى غير ممسكى، و موحشى غير مؤنسى، فأنا
بحضورى أذوق طعم وجودى، فليته أفنانى عنى فمتعنى، أو غيبنى عنى فروحنى.
و من ذلك:
اسم الکتاب : الرسالة القشيرية المؤلف : القشيري، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 128