ثم تتفاوت نعوتهم فى القبض و البسط على حسب تفاوتهم فى أحوالهم:
فمن وارد بموجب قبضا، و لكن يبقى مساغ للأشياء الأخر، لأنه غير مستوف و من مقبوض لا مساغ لغير وارده فيه، لأنه مأخوذ عنه بالكلية بوارده.
كما قال بعضهم: أنا ردم[1]، أى: لا مساغ فىّ.
و كذلك المبسوط: قد يكون فيه بسط يسع الخلق، فلا يستوحش من أكثر الأشياء، و يكون مبسوطا[2] لا يؤثر فيه شئ بحال من الأحوال.
سمعت الأستاذ أبا على الدقاق، رحمه اللّه، يقول:
دخل بعضهم على أبى بكر القحطى؛ و كان له ابن يتعاطى ما يتعاطاه الشباب، و كان ممر هذا الداخل على هذا الابن؛ فاذا هو مع أقرانه فى اشتغاله ببطالته.
فرقّ قلبه، و تألم للقحطى، و قال:
مسكين هذا الشيخ، كيف ابتلى بمقاساة هذا الإبن؟
فلما دخل على القحطى، وجده كأنه لا خبر له مما يجرى[3] عليه من الملاهى، فتعجب منه، و قال فديت، من لا تؤثر فيه الجبال الرواسى.
فقال القحطى:
إنا قد حررنا عن رق الأشياء فى الأزل.
و من أدنى موجبات القبض: أن يرد على قلبه وارد موجبه إشارة إلى عتاب و رمز[4] باستحقاق تأديب، فيحصل فى القلب لا محالة، قبض.
و قد يكون موجب بعض الواردات إشارة إلى تقريب. أو إقبال بنوع لطف و ترحيب، فيحصل للقلب بسط.
و فى الجملة: قبض كل أحد حسب بسطه، و بسطه على حسب قبضه.
[1] - مردوم.
[2] - منشرح الصدر.
[3] - و فى نسخة عما يجرى من أبنه ...»
[4] - و فى نسخة أخرى« أو رمز».