وقد وضح مما قدمناه أن الغاية من علم الأصول استنباط
الأحكام الشرعية من أدلتها ، والأحكام الشرعية على نوعين :
منها تكليفية ، وهي الوجوب والحرمة والاستحباب
والكراهة والإباحة ، ومنها وضعية مثل الصحة والفساد.
وليس من شك أن من تمكن من علم الأصول وتضلّع فيه ،
فهو كامل العدة والآلة لاستخراج الحكم الشرعي من دليله ، ويستطيع الدفاع عن رأيه
بمنطق الدليل والبرهان ، وهذا هو عين الاجتهاد ، وبذلك تبيّن أنه لا مجتهد بلا علم
بأصول الفقه ، ولا عالم بأصول الفقه بلا ملكة الاستنباط ، وأيضا تبيّن أن معرفة
الفروع دون الأصول ليست من علم الفقه في شيء حيث اتفق العلماء على أنّ الفقه هو
العلم بالاحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية ، ومعنى هذا أن كل فقيه مجتهد ، وكل
مجتهد فقيه ولو بالملكة ، وان غير المجتهد ليس بفقيه [1].
والكتاب الذي بين يديك هو لواحد من أعلام الفقه
والاصول وهو آية الله العظمى الشيخ مرتضى الانصارى قدسسره ،
والذي ولد في مدينة دزفول الايرانية ، وهاجر الى العراق وهو في عمر العشرين عاما ،
وكانت كربلاء المقدّسة أول محطة له ، حيث تلقى دروسه عند السيد محمد المجاهد ،
وعند شريف العلماء ، وكان والده مردّدا بين العودة الى ايران والبقاء في العراق ،
فتدخل السيد محمد المجاهد في اقناع أبيه على البقاء في كربلاء المقدّسة ، فبقى
ملتزما درس السيد محمد المجاهد ، حتى وقعت حوادث سنة «1241 ه» في كربلاء المقدّسة
، حيث تم محاصرتها من قبل الوالي العثماني «داود باشا» فاضطرّ عدد كبير من طلبة
العلوم الدينية ترك كربلاء الى الكاظمية والنّجف الشريفتين ، وكان الشيخ مرتضى ممن
هاجر الى الكاظمية ثم عاد الى كربلاء بعد انتهاء الحصار ، فأخذ يحضر درس الشيخ
شريف العلماء المازندراني ، ثم عاد الى ايران ومكث في نراق من قرى