اسم الکتاب : الاقتباس من القرآن الکریم المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 302
فصل
لأبي
علي البصير
إن الله قال وله المثل الأعلى ، خلق العباد وهو غني
عنهم ، ليحسن إليهم ، وينعم ، ويتفضل عليهم ، وعرّفهم مصالحهم ، وحاطهم بالمكاره [1] التي
يرونها [2] مبثوثة جلالا لهم ، وجعل ما في الأرض مسخّرا لهم ،
ثم رضي على ثواب ذلك بأن يحمدوه عليه ، وينسبوا الإحسان منه إليه ، ولم يرض لشاكر
نعمته بما قدّم عنده منها دون أن أوجب له مزيدا. فقال : (وَإِذْ
تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ
إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ)[3]. فسمي
التارك لشكره كافرا ، وأوعده على تركه عذابا شديدا.
وقرأت لابن عباد فصلا من كتاب له إلى فخر الدولة [4]
استحسنه جدا ، وهو :
لعل مولانا ـ أعز الله نصره وحفظ على الدنيا حلمه ـ تأمل
في خادمه [5] ـ وما أزال إليه ـ قول الله تعالى : (إِنْ
هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ)[6]. وإلّا
فأين استحقاق [7] الخدم من هذه النعم التي تغشي ناظر الفرقد
، وترد الثريا بطرف الأرمد.