وشهد بعض الأمراء وقد تعدّى في إقامة الحدود ، وزاد في عدد الضرب ، فكلّمه في ذلك ، فلما رآه لا يتعظ ، قال :
أما أنك لا تضرب إلّا نفسك ، فإن شئت فقلّل ، وإن شئت فكثّر. ثم تلا : (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ)[1].
دخل أبو حازم الأعرج على بعض الملوك من بني مروان. فقال له :
يا أبا حازم ما المخرج فيما نحن فيه؟
قال : تنظر إلى ما عندك ، فلا تضعه إلّا في حقه ، وما ليس عندك فلا تأخذه من حقه إلّا في حقه.
فقال : ومن يطيق ذلك يا أبا حازم؟
فقال : من أجل ذلك ملئت جهنم من الجنّة والناس أجمعين [2].
وقال الأوزاعي [3] للمنصور :
إنك ابتليت بخلة عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها ، وأشفقن منها [4]. وقد جاء في تفسير هذه الآية : (لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها)[5] أن الصغيرة : التبسم ، والكبيرة : الضحك. فما ظنك بما سواهما؟ فانظر
[1] البقرة : 175.
[2] إشارة إلى قوله تعالى : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) هود : 119.
[3] الأوزاعي : هو عبد الرحمن بن عمرو المكنّى أبا عمرو ، محدث واعظ زاهد ، توفي سنة 157 ه ، انظر : الطبقات 315 ـ 316 ، حلية الأولياء 6 / 135 فما بعدها.
[4] يريد قوله تعالى : (عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ) الأحزاب : 72.
[5] الكهف : 49.