اسم الکتاب : الاقتباس من القرآن الکریم المؤلف : الثعالبي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 136
قال بعض المتكلمين [1] : إن
الله عز ذكره جعل نبيه أميا لا يكتب ، ولا يحسب ، ولا ينسب ، ولا يقرض الشعر ، ولا
يتكلف الخطابة ، ولا يعتمد [2] البلاغة ، لينفرد الله تعالى بتعليمه
الفقه ، وأحكام الشريعة ويقصره على [معرفة] [3] مصالح الدين
دون ما تتباهى [4] به العرب من قيافة [5] الأثر
والبشر والعلم بالأنواء ، وبالخيل ، وبالأنساب [6] ، وبالأخبار
وتكلف قول الأشعار ؛ ليكون إذا جاء بالقرآن العظيم [7] ،
وتكلم بالكلام العجيب [8] ، كان ذلك أدل على أنه من الله.
وزعم أن الله لم يمنعه معرفة آدابهم ، وأخبارهم ،
وأشعارهم ليكون أنقص حظا [9] من الكاتب الحاسب ، والخطيب الناسب ،
ولكن ليجعله نبيا ، وليتولى [من] [10] تعليمه ما هو
أزكى ، وأنمى. فإنما نقّصه ليزيده ، ومنعه ليعطيه ، وحجبه [11] عن
القليل ليجلّي [12] له الكثير.
قال الجاحظ : قد أخطأ هذا الشيخ ، ولم يرد إلّا الخير
[13]. وقال
بمبلغ علمه ، ومنتهى رأيه ، ولو قال [14] : إن أداة [15]
الكتابة والحساب وقرض الشعر ، ورواية جميع النسب قد كانت تامة ، وافرة ، مجتمعة
كاملة ، ولكنه صرف تلك القوى ، وتلك [16] الاستطاعة إلى
ما هو
[1] النص من البيان والتبيين 4 / 32 وفيه
: وكان شيخ من البصريين يقول إنّ الله إنما جعل نبيه ...