لما جاء البشير إلى المهتدي بأن موسى بن بغا [2] هزم
مساور الشاري [3] وأصحابه وقتل [4] فيهم
مقتلة عظيمة. نزل من سريره ، وسجد على التراب وجعل يقول : (إِنْ
يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي
يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ)[5].
فصل
في
ذكر تسخيره تعالى الناس بعضهم بعضا
قد أخبر الله تعالى ما دبّر عليه عباده من تصييرهم [6] في
درجات متفاضلة ، وبيّن علة ذلك بقوله : (وَهُوَ
الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ
دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ)[7]. وقال
تعالى (نَحْنُ
قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ
فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا)[8]. فوصف
عزّ ذكره أنهم لم يكونوا يستغنون في قوام معايشهم على أن يكونوا
[2] موسى بن بغا من كبار القواد الأتراك
كان أبوه أحد غلمان المعتصم. ولما مات بغا سنة 248 ه تقلد موسى ما كان يتقلده
أبوه ، وضم إليه أصحابه. انظر : مروج الذهب 4 / 96 ، 97 ، 98.
[3] مساور الشاري بن عبد الحميد مولى
بجيلة. والشاري نسبة إلى الشراة وهم فرقة من الخوارج. انظر التنبيه والأشراف ص 366
ط خياط ، اللباب 2 / 4.