القرآن لنا
حجّة أصلا، فتنتفي فائدته و فائدة الأمر باتّباعه و الوصيّة به.
و
أيضا، قال اللّه عزّ و جلّ: «وَ إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا
يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ
حَكِيمٍ حَمِيدٍ». فكيف تطرّق إليه التحريف و النقصان و التغيير!؟ و أيضا، قال اللّه
عزّ و جلّ: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ
لَحافِظُونَ».
و
أيضا قد استفاض عن النبي صلّى اللّه عليه و اله و عن الأئمّة عليهم السّلام عرض
الخبر المرويّ عنهم على كتاب اللّه، ليعلم صحّته بموافقته له و فساده بمخالفته.
فإذا كان القرآن الذي بأيدينا محرّفا مغيّرا فما فائدة العرض، مع أنّ خبر التحريف
مخالف لكتاب اللّه مكذّب له، فيجب ردّه و الحكم بفساده أو تأويله.
قال:
و يخطر بالبال في دفع الإشكال- و العلم عند اللّه- أنّ مرادهم عليهم السّلام
بالتحريف و التغيير و الحذف إنّما هو من حيث المعنى دون اللفظ، أي حرّفوه و غيّروه
في تفسيره و تأويله، أي حملوه على خلاف ما هو عليه في نفس الأمر، فمعنى قولهم
عليهم السّلام: كذا انزلت أنّ المراد به ذلك، لا ما يفهمه الناس من ظاهره. و ليس
المراد أنّها نزلت كذلك في اللفظ، فحذف ذلك إخفاء للحقّ و إطفاء لنور اللّه.
و
ممّا يدلّ على ذلك ما رواه في الكافي بإسناده عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه كتب
في رسالته إلى سعد الخير: «و كان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه و حرّفوا حدوده،
فهم يروونه و لا يرعونه. و الجهّال يعجبهم حفظهم للرواية، و العلماء يحزنهم تركهم
للرعاية».[1]
12-
و قال خاتمة المحدّثين المتعهّدين، محمد بن الحسن بن علي المشتهر بالحرّ العاملي،
صاحب الموسوعة الحديثية الكبرى «وسائل الشيعة» (ت 1104)
-
في رسالة كتبها بالفارسية، دحضا لسفاسف بعض معاصريه ما تعريبه-:
إنّ
من تتبّع أحاديث أهل البيت عليهم السّلام و تصفّح التاريخ و الآثار علم علما
يقينيّا أنّ القرآن قد بلغ أعلى درجات التواتر، قد حفظه الالوف من الصحابة و نقلته
الالوف، و كان
[1] - كتاب علم اليقين في اصول الدين للمحقّق الفيض
الكاشاني، ج 1، ص 565.