قال: كان
لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله قرابة في جميع قريش. فلمّا كذّبوه و أبوا أن
يبايعوه، قال: يا قوم إذا أبيتم أن تبايعوني فاحفظوا قرابتي فيكم، لا يكن غيركم من
العرب أولى بحفظي و نصرتي منكم!
ثمّ
ذكر وجوها ثلاثة اخر: طلب الموادّة مع قرابته أهل بيته. و طلب القربى إلى اللّه و
الزلفى لديه سبحانه. و صلة الأرحام بعضهم مع بعض.
و
يقول في وجه ترجيحه ذلك الوجه: إنّه لموضع «في» في قوله «المودّة في القربى» إذ لا
وجه معروفا لدخول «في» في هذا الموضع. و كان ينبغي على سائر الوجوه أن يكون
التنزيل «إلّا مودّة القربى» أو «المودّة بالقربى» أو «ذا القربى» على الترتيب.
و
قد حاول بكلّ جهده ترجيح اختياره على سائر الوجوه.[1]
و
لكنّه تكلّف في كلامه إذ كيف يخفى على ذي لبّ أنّ مثل هكذا مواجهة ممّا يمتنع مع
قوم ناكرين مستهزئين بموقف النبيّ الأكرم. إنّهم رفضوا دعوته و جحدوا رسالته فكيف
يطالبهم بالأجر عليها؟! إن هذا الاحتمال إلّا وهن بمقامه المنيع صلّى اللّه عليه و
اله.
إنّه
صلّى اللّه عليه و اله لا يمدّ يد الوداد إلى أعداء اللّه الألدّاء حتّى و لو
كانوا ذوي قرابته. إذ لا قرابة مع الشرك و لا رحم مع رفض التوحيد. قال تعالى:
«إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ».[2]
هذا
و قد قال تعالى: «لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ
إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ»،[3]
فكيف يخالف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله صريح نهيه تعالى؟!
و
كان صلّى اللّه عليه و اله قد عرف منهم العناد و اللجاج، و قد عرفوا فيه قطيعة الرحم
و تسفيه الأحلام و إفساد الشباب، و جعل كيانهم على خطر الانهيار، هكذا كانوا
يحملون الضغائن نحو نبيّ الإسلام و يكرهون لقاءه. و إذا كان الأمر على ذلك، فكيف
يضع نفسه الكريمة موضع الامتهان تجاه سؤال يعلوه الذلّ و الصغار؟ حاشاه من نفس
أبيّة و أنف حميّة. كما