تلك
كانت مهزلة القول بالتحريف عند حشويّة العامّة، و الآن فاستمع إلى مهزلة اخرى
أثارها فئة متطرّفة تزعم انتماءها إلى الشيعة الإماميّة[1]
إلّا أنّهم و اكبوا إخوانهم الحشويّة في المسّ بكرامة القرآن من غير ما مبالاة!
و
قد عرفت آنفا أنّ المحقّقين من علمائنا الذين هم أهل النظر و الاجتهاد قد أجمعوا
على رفض احتمال التحريف في كتاب اللّه، استنادا إلى دليل العقل و تواتر النقل، و
لا يزالون على ثبات العقيدة الاولى التي نصّ عليها القرآن الكريم.
و
كذلك جلّ أهل الحديث من عظماء الطائفة وافقوا أهل التحقيق في إنكار التحريف، منذ
عهد رئيس المحدّثين أبي جعفر الصدوق (381) حتى عصر العلمين: الفيض الكاشاني (1090)
و الحرّ العاملي (1104) وقفوا جميعا وقفة حازم، جنبا إلى جنب المجتهدين.
نعم،
حدثت فكرة وقوع التحريف من قبل فئة هم شرذمة قليلة من هذه الامّة ممّن لا
[1] - و قد عبّر عنهم المولى التستري- في كتابه مصائب
النواصب- بالشرذمة القليلة من هذه الامة ممّن لا اعتداد بهم في جماعة الشيعة
الإمامية. آلاء الرحمان، ج 1، ص 25- 26.