المكثرين
المجدّين في التتبّع للشواذ، و أنّه ليعدّ أمثال هذا المنقول في «دبستان المذاهب»
ضالّته المنشودة، و مع ذلك قال: إنّه لم يجد لهذا المنقول أثرا في كتب الشيعة. فيا
للعجب من صاحب الدبستان من أين جاء بنسبة هذه الدعوى إلى الشيعة، و في أيّ كتاب
لهم وجدها؟ أفهكذا يكون النقل في الكتب؟!
قال:
و لكن لا عجب، شنشنة أعرفها من أخزم!! فكم نقلوا عن الشيعة مثل هذا النقل الكاذب!![1]
قال
الاستاذ رحيم (محقّق الكتاب): ما أثبته المؤلّف في كتابه عن الأديان و المذاهب
أكثرها جوانب عامّية مأخوذة من أفواه اناس أو شاهدها في تصرّفات بعض المعتنقين
لتلك الأديان في الأسواق و المقاهي و الأندية العامّة، و ربّما على حواشي الطرق و
الأسفار، فكان يجتمع مع اولئك العاميين و يتناقل معهم الحديث، ثمّ يسجّلها قيد
كتابه الذي تمّ تأليفه بهذا النمط خلال عشرين عاما أو أكثر ما بين سنة 1040- 1065.
و من ثمّ كان لفيف من المشعوذين من أهل الاستهواء، حيث أحسّوا منه الرغبة الملحّة
في جمع الغرائب و العجائب، جعلوا يتزلّفون إليه، رغبة في أكلة دسمة أو منحة أو
صلة، فيحيكون له أكاذيب و أقاصيص مجعولة، و كان من سذاجته يسجّلها في كتابه، و
أحيانا عن لسانهم مشفوعة بعناوين و ألقاب فخيمة ترفيعا من شأنها حسب زعمه. الأمر
الذي نشاهده في كتابه كثيرا من قضايا و مسائل منسوبة إلى مذاهب و أديان لا أساس
لها ذاتا، و ما هي إلّا مغبّة أنّ الرجل كان قد جعل نفسه موضع مهزلة المشعوذين
ممّن يروقهم الاستحواذ على سذّج العقول أمثال هذا المؤلّف المسكين.[2]
أمّا
من هو المؤلّف؟ فزعمه السيرجون ملكم في كتابه «تاريخ أدبيات إيران»[3]
أنّه محسن الكشميري المتخلّص بالفاني. و في «إيضاح المكنون في الذيل على كشف
[1] - مقدّمة آلاء الرحمان، ج 1، ص 24- 25( الأمر
الخامس).
[2] - دبستان المذاهب، ج 2، ص 126 و 129 قسم التعليقات.