الإلحادية
التي كانت تنفثها أحلام جاهلية أولى، كسرا لشوكة الإسلام، و حطّا من كرامة القرآن،
هيهات، و قد خاب ظنّهم،
«يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ
وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ».[1]
قال
الخوارزمي[2]- معرّضا بآل
اميّة-: فما قدروا على دفن حديث من أحاديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و لا
على تحريف آية من كتاب اللّه تعالى جلّ شأنه ...[3]
***
هذا، و قد حاول جماعة من أهل النظر معالجة تلكم الروايات بأشكال فنّية، لكن من غير
جدوى، بعد أن زعموا صحّة أسانيدها و صراحة مداليلها في وقوع التحريف في نصّ الكتاب
العزيز. و انتهوا أخيرا إلى اختلاق مسألة «نسخ التلاوة» المعلوم بطلانها وفق قواعد
علم الأصول. و من ثمّ إمّا قبولا لها على علّاتها و الأخذ بها و الإفتاء وفق
مضامينها- كما فعله فريق- نظرا لصحّة أسانيدها فيما زعموا، أو رفضا لها رأسا بعد
عدم إمكان التأويل.
هذا
ابن حزم الأندلسي- و هو الفقيه الناقد- يرى الرجم مستندا إلى كتاب اللّه، لما رواه
بإسناده عن ابيّ بن كعب، قال: كم تعدّون سورة الأحزاب؟ قيل له: ثلاثا أو أربعا و
سبعين آية. قال: إن كانت لتقارن سورة البقرة أو لهي أطول منها. و إن كان فيها لآية
الرجم، و هي: «إذا زنى الشيخ و الشيخة فارجموهما البتة نكالا من اللّه و اللّه
عزيز حكيم»!
قال
ابن حزم: هذا إسناد صحيح كالشمس لا مغمز فيه. ثمّ قال: و لكنّها ممّا نسخ لفظها و
بقي حكمها.[4] و سنتكلّم
عن هذا التعليل العليل.[5]
[5] - و لا يخفى عليك أنّه أوّل من ألصق تهمة القول
بالتحريف إلى الشيعة الإمامية، و شنّع عليهم ظلما و زورا، في حين أنّه في اختياره
هذا يكون أولى بالتشنيع، راجع: الفصل في الملل و النحل، ج 4، ص 182.