تلك
كانت خاتمة أمر اليهود بفلسطين. أما التوراة و سائر كتب اليهود فضاعت جميعا على يد
عساكر كلدان و لم يعد لها أثر بعد ذلك في الوجود.[1]
هل
عادت التوراة إلى الوجود؟
شمل
الأسر البابلي أكثر من سبعين ألفا من رجالات اليهود و كهنتهم و ذراريهم. و دام
الاعتقال أكثر من نصف قرن في اضطهاد و ضغط شديد، ضاعت خلاله كلّ نواميس الشريعة، و
في ضمنها ضاع التابوت الذي فيه سفر الشريعة ضياعا بلا أثر. و كان الأمر على ذلك
حتّى فتحت بابل على يد ملك فارس «كورش» الكبير (عام 538 ق. م) فأوّل شيء صنعه أن
أطلق سراح بني إسرائيل و أمدّهم و أفسح لهم المجال. و هو الذي أمر بإعادة بناء
البيت و تجديد مقدّسات اليهود. و قد تمّ ذلك على يد حفيده «داريوش»:
(521-
486 ق. م).
كانت
أكثرية رجالات اليهود قد آثروا البقاء في حماية ملوك فارس، و ربّما كانوا
يؤازرونهم في أمر الديوان بما اتوا من علم الكتاب.
و
أخيرا و على عهد الملك «أردشير- دراز دست» عام (457 ق. م) قام الكاهن العجوز
«عزرا» على رأس جماعات كبيرة من أسرى اليهود- جاءت أساميهم في الإصحاح الثاني من
كتاب عزرا-[2] بالرحلة
إلى القدس، و قد أمدّهم الملك بالقوّة و المال الكافي. فجاء إلى اورشليم ليجدّد
الشريعة و يصحّح عبادات و مراسيم عتيدة. و من أجل ذلك أسّس كنائس كانت تتلى فيها
دعوات و نسخ من كتابات قديمة.
الأمر
الذي دعا بجماعة اليهود أن يلتمسوا منه تدوين الشريعة من جديد و كتابة العهد
العتيق، فعزم «عزرا» على إجابة ملتمسهم، و كان ذلك بعد أن مضى من سقوط
[1] - سفر الملوك الثاني، إصحاح 24- 25؛ العهد القديم،
ص 629- 632.