و كذا العهد
الجديد المشتمل على (27) كتابا و رسالة، منها الأناجيل الأربعة المعروفة، و هي
جميعا قصّة حياة المسيح عليه السّلام، و فيها من تعاليمه الشيء الكثير حسب رواية
مؤلّفيها.
و
هذه الكتب قد فقدت نسخها الأصليّة، و بقيت تراجمها بلغات غير لغتها الاولى.
و
من ثمّ فالتحريف إنّما كان في هذه التراجم بالذات و ليس في الأصل.
لعلّك
تقول: فما تصريح القرآن بوجود التوراة عندهم و فيها حكم اللّه.[1]
و كذا ترغيبهم في العمل بالكتابين و إقامة ما فيهما من تعاليم و أحكام.[2]
فلو لا وجودهما لحدّ ذلك الوقت- على الأقل- لما كان لذلك التصريح و هذا الترغيب
وجه وجيه.
لكن
يجب أن لا نتغافل مسألة المجاراة في التسمية. قوله تعالى: «قُلْ
فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ».[3] أي
فأتوا بهذه التي تسمّونها التوراة، فإنّ فيها التحريم و التحليل الذي كان لبني
إسرائيل، حسب زعمكم.
و
قوله: «وَ عِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ»[4] أي
في هذا الموجود الحاضر أيضا قسط وافر من شريعة اللّه. لو عملتم بها لكان خيرا لكم.
لكنّكم «تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَ تُخْفُونَ كَثِيراً».[5]
أمّا
الآن فقد جاء الإسلام ليبدي ما كنتم تكتمون «قَدْ
جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ
الْكِتابِ».[6]
قال
الحجّة البلاغي: بل سمّاه التوراة لأنّ اسم ذلك الكتاب (العهد القديم و لا سيّما
الأسفار الخمسة) عند اليهود توراة، فجاراهم في التسمية لكي يجادلهم بالتي هي أحسن.[7]
قلت:
و من ثمّ عبّر عنهم في سورة آل عمران: 23 و في سورة النساء: 44 و 51