قال
الزمخشري: اعلم أنّ الألفاظ التي يتهجّى بها أسماء، مسمّياتها الحروف المبسوطة
التي منها ركّبت الكلم. فقولك: ضاد، اسم سمّي به «ضه» من ضرب، إذا تهجّيته، و
كذلك: راء، باء، اسمان لقولك: «ره»، «به»[6].
قال:
و قد روعيت في هذه التسمية لطيفة، و هي: أنّ المسمّيات لمّا كانت ألفاظا كأساميها
و هي حروف وحدان، و الأسامي عدد حروفها مرتق إلى الثلاثة، اتّجه لهم طريق إلى أن
يدلّوا في التسمية على المسمّى، فلم يغفلوها و جعلوا المسمّى صدر كلّ اسم منها،
كما ترى[7]، إلّا
الألف، فإنّهم استعاروا الهمزة مكان مسماها، لأنّه لا يكون إلّا ساكنا[8].
قال:
و مما يضاهيها، في إيداع اللفظ دلالة على المعنى: التهليل، و الحوقلة، و الحيعلة،
و البسملة. و حكمها- ما لم تلها العوامل- أن تكون ساكنة الأعجاز، موقوفة، كأسماء
الأعداد، فيقال: ألف، لام، ميم. كما يقال: واحد، اثنان، ثلاثة. فإذا وليتها
العوامل، أدركها الإعراب، تقول:
هذه
ألف، و كتبت ألفا، و نظرت إلى ألف، و هكذا كلّ اسم عمدت إلى تأدية ذاته فحسب، قبل
أن يحدث فيه- بدخول العوامل- شيء من تأثيراتها، فحقّك أن تلفظ به موقوفا.
[1] غافر و فصّلت و الزخرف و الدخان و الجاثية و
الأحقاف.
[6] و ذلك لأنّ« ضاد» اسم مركب من ثلاثة أحرف. أمّا
المسمّى فهو« ض» من قولك:« ضرب»، و هو حرف واحد لا يمكن النطق به إلّا مع إلحاق
هاء السكت به، هكذا« ضه» كما يأتي التصريح به في كلام الخليل الآتي.
[7] فالحرف الذي هو المسمّى، جعل صدرا للفظة التي هي
اسمها، مثل« ض» في الضاد، و« ر» في الراء، و« ب» في الباء.
[8] فصدر اللفظة التي هي اسم الألف، همزة، حيث الألف
ساكن أبدا، و لا يمكن النطق بالساكن.