كانت
لمعرفة أسباب النزول قيمتها الأغلى في سبيل فهم معاني القرآن الكريم، حسبما فصّلنا
الكلام فيه[1]. غير أنّ
الذي يجدر التنبّه له- هنا- أنّ الطابع الغالب على المأثور في هذا الباب هو الضعف
و الجهالة و الإرسال، فضلا عن الوضع و الدسّ و التزوير.
قال
الإمام بدر الدين الزركشي: يجب الحذر من الضعيف فيه و الموضوع فإنّه كثير. قال
الميموني: سمعت الإمام أحمد بن حنبل يقول: ثلاث ليس لها اصول- أولا أصل لها-:
المغازي و الملاحم و التفسير. أي لا أصل معتمدا عليه. قال المحقّقون من أصحابه:
يعنى أنّ الغالب، أنّها ليس لها أسانيد صحاح متّصلة الإسناد. و إلّا فقد صحّ من
ذلك كثير[2].
قال
جلال الدين السيوطي: الذي صحّ من ذلك قليل جدّا، بل أصل المرفوع منه (أي المتّصل
الإسناد إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) في غاية القلّة[3].
و
قد نقم على الواحدي في إخراجه أحاديث في أسباب النزول، أكثرها ضعاف أو في أسانيدها
مجاهيل أو هي أباطيل. و من ثمّ عمد هو إلى تأليف أخصر و أجمع و أسدّ، أسماه «لباب
النقول» و حسبه يمتاز على تأليف الواحدي بأمور: أحدها، الاختصار. ثانيها: الجمع
الكثير ممّا تفلّت عن الواحدي. ثالثها: إسناد كلّ حديث إلى مخرّجه من الكتب
المعتبرة. أمّا الواحدي فتارة يورد الحديث بإسناده، و فيه مع التطويل عدم العلم
بمخرج الحديث. و تارة يورده مقطوعا. رابعها:
تمييز
الصحيح من غيره و المقبول من المردود. خامسها: الجمع بين الروايات المتعارضة.
سادسها:
تنحية
ما ليس من أسباب النزول.
ذكر
ذلك في المقدمة. و هل وفى بما وعد أو استطاع الإيفاء بما صال و جال؟
إنّ
المراجع لهذا التأليف- مع امتيازاته الستّة- ليجد فيه الغثّ ما يغلب على السمين. و
فيه ما يخالف العقل السليم.
[م/
184] روى من طريق البيهقي عن أبي هريرة: أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
وقف على حمزة حين استشهد بأحد، و قد مثّل به، فقال: لأمثّلنّ بسبعين منهم مكانك!!
فنزل جبرائيل بقوله تعالى: وَ إِنْ عاقَبْتُمْ