أمّا روايته
فلا تقلّ عن درايته قوّة و اعتبارا، و إنّما يحدّثك صادق مصدّق فيما وعى و أخبر و
رعى.
[م/
98] روى أبو جعفر الكليني بإسناده الصحيح إلى منصور بن حازم قال: «قلت لأبي عبد
اللّه الصادق عليه السّلام: أخبرني عن أصحاب محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
صدقوا على محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أم كذبوا؟ قال عليه السّلام: بل
صدقوا»[1].
فحكم
عليه السّلام حكمه العامّ بأنّهم صادقون في حديثهم عن رسول اللّه غير مكذّبين و لا
متّهمين.
و
هي شهادة صريحة بجلالة شأنهم و اعتلاء قدرهم في أداء رسالة اللّه في الأرض.
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[2].
ثمّ
أخذ عليه السّلام في بيان وجه اختلاف حديثهم عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
و سلّم و أنّه بسبب اختلافهم في الحضور لديه، فربما حضر أحدهم بيانه في عموم حكم
وفاته الحضور لدى بيان خصوصه، و كان الآخر بالعكس. و هكذا حكم المطلق و المقيّد. و
كلّ ناسخ يرفع عموم المنسوخ أو إطلاقه، فكان كلّ من حضر شيئا من ذلك أخبر بما
استمع و حفظ، دون ما لم يحضره و حضره الآخر، و من ثمّ جاء الاختلاف في حديث بعضهم
مع البعض، و كلّ صادق فيما يرويه غير مكذّب.
[م/
99] و للإمام أمير المؤمنين عليه السّلام حديث مسهب عن الصحابة الصالحين، يفصلهم
عن المنافقين، و أنّ حديثهم حديث صدق، و لم يختلفوا إلّا من جهة اختلافهم في
الحضور و التلقّي، و أمّا هو عليه السّلام فلم يختلف و لم يتخلّف فيما استحفظه من
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم[3].
فالصحيح
هو الاعتبار بقول الصحابي في التفسير، سواء في درايته أم في روايته، و أنّه أحد
المنابع الأصل في التفسير، لكن يجب الحذر من الضعيف و الموضوع، كما قال الإمام بدر
الدين الزركشي، و هو حقّ لا مرية فيه بعد أن كان رائدنا في هذا المجال هو التحقيق
لا التقليد.
التفسير
في دور التابعين
لم
يكد ينصرم عهد الصحابة إلّا و قد نبغ رجال أكفاء، ليخلفوهم في حمل أمانة اللّه و
أداء رسالته في الأرض، و هم التابعون الذين اتّبعوهم بإحسان، إنّهم رجال أخّر بهم
الزمان عن إمكان