قَدْ نَامَ وَفْدُكَ حَوْلَ الْبَيْتِ قَاطِبَةً
وَ أَنْتَ وَحْدَكَ يَا قَيُّومُ لَمْ تَنَمِ
أَدْعُوكَ رَبِّ دُعَاءً قَدْ أَمَرْتَ بِهِ
فَارْحَمْ بُكَائِي بِحَقِّ الْبَيْتِ وَ الْحَرَمِ
إِنْ كَانَ عَفْوُكَ لَا يَرْجُوهُ ذُو سَرَفٍ
فَمَنْ يَجُودُ عَلَى الْعَاصِينَ بِالنِّعَمِ
قَالَ فَاقْتَفَيْتُهُ فَإِذَا هُوَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ع.
طَاوُسٌ الْفَقِيهُ رَأَيْتُهُ يَطُوفُ مِنَ الْعِشَاءِ إِلَى السَّحَرِ وَ يَتَعَبَّدُ فَلَمَّا لَمْ يَرَ أَحَداً رَمِقَ السَّمَاءَ بِطَرْفِهِ[1] وَ قَالَ إِلَهِي غَارَتْ نُجُومُ سَمَاوَاتِكَ وَ هَجَعَتْ عُيُونُ أَنَامِكَ وَ أَبْوَابُكَ مُفَتَّحَاتٌ لِلسَّائِلِينَ جِئْتُكَ لِتَغْفِرَ لِي وَ تَرْحَمَنِي وَ تُرِيَنِي وَجْهَ جَدِّي مُحَمَّدٍ ص فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ بَكَى وَ قَالَ وَ عِزَّتِكَ وَ جَلَالِكَ مَا أَرَدْتُ بِمَعْصِيَتِي مُخَالَفَتَكَ وَ مَا عَصَيْتُكَ إِذْ عَصَيْتُكَ وَ أَنَا بِكَ شَاكٌّ وَ لَا بِنَكَالِكَ جَاهِلٌ وَ لَا لِعُقُوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ وَ لَكِنْ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي وَ أَعَانَنِي عَلَى ذَلِكَ سِتْرُكَ الْمُرْخَى بِهِ عَلَيَّ فَأَنَا الْآنَ مِنْ عَذَابِكَ مَنْ يَسْتَنْقِذُنِي وَ بِحَبْلِ مَنْ أَعْتَصِمُ إِنْ قَطَعْتَ حَبْلَكَ عَنِّي فَوَا سَوْأَتَاهْ غَداً مِنَ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْكَ إِذَا قِيلَ لِلْمُخِفِّينَ جُوزُوا وَ لِلْمُثْقِلِينَ حَطُّوا أَ مَعَ الْمُخِفِّينَ أَجُوزُ أَمْ مَعَ الْمُثْقِلِينَ أَحُطُّ وَيْلِي كُلَّمَا طَالَ عُمُرِي كَثُرَتْ خَطَايَايَ وَ لَمْ أَتُبْ أَ مَا آنَ لِي أَنْ أَسْتَحِيَ مِنْ رَبِّي ثُمَّ بَكَى ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ
أَ تُحْرِقُنِي بِالنَّارِ يَا غَايَةَ الْمُنَى
فَأَيْنَ رَجَائِي ثُمَّ أَيْنَ مَحَبَّتِي
أَتَيْتُ بِأَعْمَالٍ قِبَاحٍ رَدِيَّةٍ
وَ مَا فِي الْوَرَى خَلْقٌ جَنَى كَجِنَايَتِي
ثُمَّ بَكَى وَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُعْصَى كَأَنَّكَ لَا تُرَى وَ تَحْلُمُ كَأَنَّكَ لَمْ تُعْصَ تَتَوَدَّدُ إِلَى خَلْقِكَ بِحُسْنِ الصَّنِيعِ كَأَنَّ بِكَ الْحَاجَةَ إِلَيْهِمْ وَ أَنْتَ يَا سَيِّدِي الْغَنِيُّ عَنْهُمْ ثُمَّ خَرَّ إِلَى الْأَرْضِ سَاجِداً فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَ شِلْتُ رَأْسَهُ وَ وَضَعْتُهُ عَلَى رُكْبَتَيَّ وَ بَكَيْتُ حَتَّى جَرَتْ دُمُوعِي عَلَى خَدِّهِ فَاسْتَوَى جَالِساً وَ قَالَ مَنْ ذَا الَّذِي أَشْغَلَنِي عَنْ ذِكْرِ رَبِّي فَقُلْتُ أَنَا طَاوُسٌ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا هَذَا الْجَزَعُ وَ الْفَزَعُ وَ نَحْنُ يَلْزَمُنَا أَنْ نَفْعَلَ مِثْلَ هَذَا وَ نَحْنُ عَاصُونَ جَافُونَ أَبُوكَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَ أُمُّكَ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ وَ جَدُّكَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَ قَالَ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ يَا طَاوُسُ دَعْ عَنِّي حَدِيثَ أَبِي وَ أُمِّي وَ جَدِّي خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَ أَحْسَنَ وَ لَوْ كَانَ عَبْداً حَبَشِيّاً وَ خَلَقَ النَّارَ لِمَنْ عَصَاهُ وَ لَوْ كَانَ قُرَشِيّاً أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ
[1] رمقه: اطال النظر إليه.