جَلَبَةً[1] وَ ضَجَّةً عَظِيمَةً وَ قَائِلٌ يَقُولُ
انْتَسِفُوا التُّرَابَ وَ الصَّعِيدَا
وَ اسْتَوْدِعُوهُ بَلَداً بَعِيداً
وَ عَاوِنُوا مُحَمَّدَ الرَّشِيدَا
قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ عَمِيداً
أَخَاهُ وَ ابْنَ عَمِّهِ الصِّنْدِيدَا
فَلَمَّا أَصْبَحْتُ لَمْ أَجِدْ مِنَ التُّرَابِ كَفّاً وَاحِداً.
أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع
إِنَّ الَّذِي قَدِ اصْطَفَى مُحَمَّداً
وَ أَظْهَرَ الْأَمْرَ بِهِ وَ أَيَّدَا
وَ سُرَّ مَنْ وَالَى وَ أَكْبَى الْحُسَّدا
وَ أَحْسَنَ الذُّخْرَ لَهُ وَ مَهَّدَا
وَ جَاءَ بِالنُّورِ الْمُضِيءِ الْمُحَمَّدَا
وَ نَاصَحَ اللَّهَ وَ خَافَ الْمَوْعِدَا.
فصل فيما ظهر من الحيوانات و الجمادات
سَلْمَانُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ع إِلَى الْمَدِينَةِ تَعَلَّقَ النَّاسُ بِزِمَامِ النَّاقَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ ع يَا قَوْمِ دَعُوا النَّاقَةَ فَهِيَ مَأْمُورَةٌ فَعَلَى بَابِ مَنْ بَرَكَتْ فَأَنَا عِنْدَهُ فَأَطْلِقُوا زِمَامَهَا وَ هِيَ تَهِفُ[2] فِي السَّيْرِ حَتَّى دَخَلْتُ الْمَدِينَةَ فَبَرَكَتْ عَلَى بَابِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ وَ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَدِينَةِ أَفْقَرُ مِنْهُ فَانْطَلَقَتْ قُلُوبُ النَّاسِ حَسْرَةً عَلَى مُفَارَقَةِ النَّبِيِّ ع فَنَادَى أَبُو أَيُّوبَ يَا أُمَّاهْ افْتَحِي الْبَابَ فَقَدْ قَدِمَ سَيِّدُ الْبَشَرِ وَ أَكْرَمُ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ مُحَمَّدٌ الْمُصْطَفَى وَ الرَّسُولُ الْمُجْتَبَى فَخَرَجَتْ وَ فَتَحَتِ الْبَابَ وَ كَانَتْ عَمْيَاءَ فَقَالَتْ وَا حَسْرَتَى لَيْتَ كَانَ لِي عَيْنٌ أُبْصِرُ بِهَا إِلَى وَجْهِ سَيِّدِي رَسُولِ اللَّهِ ص فَكَانَ أَوَّلَ مُعْجِزَةِ النَّبِيِّ ع فِي الْمَدِينَةِ أَنَّهُ وَضَعَ كَفَّهُ عَلَى وَجْهِ أُمِّ أَبِي أَيُّوبَ فَانْفَتَحَتْ عَيْنَاهَا.
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي خَبَرٍ طَوِيلٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ طَلَعَ مِنَ الْأَبْطَحِ رَاكِبٌ وَ مِنْ وَرَائِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ نَاقَةً مُحَمَّلَةً ثِيَابَ دِيبَاجٍ عَلَى كُلِّ نَاقَةٍ عَبْدٌ أَسْوَدُ يَطْلُبُ النَّبِيَّ الْكَرِيمَ لِيَدْفَعَهَا إِلَيْهِ بِوَصِيَّةِ أَبِيهِ فَأَوْمَأَ ابْنُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ إِلَى أَبِي جَهْلٍ وَ قَالَ هَذَا صَاحِبُكَ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ قَالَ مَا أَنْتَ بِصَاحِبِي فَمَا زَالَ يَدُورُ حَتَّى رَأَى النَّبِيَّ ع فَسَعَى إِلَيْهِ وَ قَبَّلَ يَدَيْهِ وَ رِجْلَيْهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ أَ لَيْسَ أَنْتَ مَلْجَأَ نَاجِي بْنِ الْمُنْذِرِ السِّكَاكِيِّ قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَأَيْنَ السَّبْعَ عَشْرَةَ نَاقَةً مُحَمَّلَةً ذَهَباً وَ فِضَّةً وَ دُرّاً وَ يَاقُوتاً وَ جَوَاهِراً وَ وَشْياً
[1] الجلب و الجلبة: اختلاط الصوت.
[2] تهف بالتشديد: اي تسرع في السير و في بعض النسخ نهف و ليس له معنى يناسب المقام فالظاهر هو الأول.