يُنَادِي وَ النَّاسُ يُهْرَعُونَ كَالسَّيْلِ حَتَّى امْتَلَأَتِ الدَّارُ فَأَكَلَ النَّاسُ بِأَجْمَعِهِمْ وَ الطَّعَامُ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَقَالَ النَّبِيُّ ع اجْمَعُوا الْعِظَامَ فَجَمَعُوهَا فَوَضَعَهَا فِي إِهَابِهَا ثُمَّ قَالَ قُومِي بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَامَ الْجَدْيُ فَضَجَّ النَّاسُ بِالشَّهَادَتَيْنِ.
أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ: لَمَّا غَزَوْنَا خَيْبَرَ مَعَنَا مِنْ يَهُودِ فَدَكٍ جَمَاعَةٌ فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الْقَاعِ[1] إِذَا نَحْنُ بِالْوَادِي وَ الْمَاءُ يَقْلَعُ الشَّجَرَ وَ يُدَهْدِهُ الْجِبَالَ قَالَ فَقَدَّرْنَا الْمَاءَ فَإِذَا هُوَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ قَامَةً فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْعَدُوُّ مِنْ وَرَائِنَا وَ الْوَادِي قُدَّامَنَا فَنَزَلَ النَّبِيُّ ص فَسَجَدَ وَ دَعَا ثُمَّ قَالَ سِيرُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ قَالَ فَعَبَرَتِ الْخَيْلُ وَ الْإِبِلُ وَ الرِّجَالُ.
عَنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ع فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدِمْتُ مِنْ سَفَرٍ لِي فَبَيْنَمَا بُنَيَّةٌ خُمَاسِيَّةٌ تَدْرُجُ حَوْلِي فِي حُلِيِّهَا فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا وَ انْطَلَقْتُ بِهَا إِلَى وَادِي فُلَانٍ فَطَرَحْتُهَا فِيهِ فَقَالَ النَّبِيُّ ص انْطَلِقْ مَعِي فَأَرِنِي الْوَادِيَ فَانْطَلَقَ مَعَهُ فَأَرَاهُ الْوَادِيَ فَقَالَ النَّبِيُّ ع لِأُمِّهَا مَا كَانَ اسْمُهَا قَالَتْ فُلَانَةُ فَقَالَ ع يَا فُلَانَةُ أَجِيبِينِي بِإِذْنِ اللَّهِ فَخَرَجَتِ الصَّبِيَّةُ وَ هِيَ تَقُولُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ سَعْدَيْكَ فَقَالَ لَهَا إِنَّ أَبَوَيْكِ قَدْ أَسَاءَا فَإِنْ أَحْبَبْتِ أَنْ أَرُدَّكِ عَلَيْهِمَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِمَا وَجَدْتُ اللَّهَ خَيْراً لِي مِنْهُمَا.
وَ قَالَتْ قُرَيْشٌ لِأَبِي لَهَبٍ إِنَّ أَبَا طَالِبٍ هُوَ الْحَائِلُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَ لَوْ قَتَلْتَهُ لَمْ يُنْكِرْ أَبُو طَالِبٍ وَ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ دَمِهِ وَ نَحْنُ نُؤَدِّي الدِّيَةَ وَ تَسُودُ قَوْمَكَ قَالَ فَإِنِّي أَكْفِيكُمُوهُ فَنَزَلَ أَبُو لَهَبٍ إِلَيْهِ وَ تَسَلَّقَتِ[2] امْرَأَتُهُ الْحَائِطَ حَتَّى وَقَفَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَصَاحَ بِهِ أَبُو لَهَبٍ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ وَ هُمَا كَانَا لَا يَنْقُلَانِ قَدَماً وَ لَا يَقْدِرَانِ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى انْفَجَرَ الصُّبْحُ وَ فَرَغَ النَّبِيُّ ع مِنَ الصَّلَاةِ فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ يَا مُحَمَّدُ أَطْلِقْنَا قَالَ لَا أُطْلِقُ عَنْكُمَا أَوْ تَضْمَنَا لِي أَنَّكُمَا لَا تُؤْذِيَانِّي قَالا قَدْ فَعَلْنَا فَدَعَا رَبَّهُ فَرَجَعَا.
جَابِرٌ خَرَجَ النَّبِيُّ ع إِلَى الْمُسْلِمِينَ وَ قَالَ جِدُّوا فِي الْحَفْرِ فَجَدُّوا وَ اجْتَهَدُوا وَ لَمْ يَزَالُوا يَحْفِرُونَ حَتَّى فَرَغَ الْحَفْرُ وَ التُّرَابُ حَوْلَ الْخَنْدَقِ تَلٌّ عَالٍ فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ فَقَالَ لَا تَفْزَعْ يَا جَابِرُ فَسَوْفَ تَرَى عَجَباً مِنَ التُّرَابِ قَالَ وَ أَقْبَلَ اللَّيْلُ وَ وَجَدْتُ عِنْدَ التُّرَابِ
[1] القاع ارض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الجبال و الآكام و بالفارسية: درة.
[2] تسلقت اي صعدت.