وَ ضَمِنَ لَهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا بِابْنِهِ يَزِيدَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَسَقَتْهُ جَعْدَةُ السَّمَّ وَ بَقِيَ ع أَرْبَعِينَ يَوْماً مَرِيضاً وَ مَضَى لِسَبِيلِهِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ لَهُ يَوْمَئِذٍ ثَمَانٌ وَ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَ تَوَلَّى أَخُوهُ وَ وَصِيُّهُ الْحُسَيْنُ ع غُسْلَهُ وَ تَكْفِينَهُ وَ دَفْنَهُ عِنْدَ جَدَّتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ع بِالْبَقِيعِ.
قَالَ فَصْلٌ فَمِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ بِوَفَاتِهِ ع مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ دَسِّ مُعَاوِيَةَ إِلَى جَعْدَةَ فَسَمَّتْهُ فَسَوَّغَهَا الْمَالَ وَ لَمْ يُزَوِّجْهَا مِنْ يَزِيدَ فَخَلَفَ عَلَيْهَا رَجُلٌ مِنْ آلِ طَلْحَةَ فَأَوْلَدَهَا فَكَانَ إِذَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ بُطُونِ قُرَيْشٍ كَلَامٌ عَيَّرُوهُمْ فَقَالُوا يَا بَنِي مُسِمَّةِ الْأَزْوَاجِ.
وَ رُوِيَ مَرْفُوعاً إِلَى ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ ع فِي الدَّارِ فَدَخَلَ الْحَسَنُ ع الْمَخْرَجَ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ لَقَدْ سُقِيتُ السَّمَّ مِرَاراً فَمَا سُقِيتُهُ مِثْلَ هَذِهِ الْمَرَّةِ وَ لَقَدْ لَفَظْتُ قِطْعَةً مِنْ كَبِدِي فَجَعَلْتُ أَقْلِبُهَا بِعُودٍ كَانَ مَعِي فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ ع مَنْ سَقَاكَ فَقَالَ وَ مَا تُرِيدُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ فَاللَّهُ أَشَدُّ نَقِمَةً وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ فَمَا أُحِبُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِي بَرِيءٌ.
وَ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْمُخَارِقِيِّ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتِ الْحَسَنَ ع الْوَفَاةُ اسْتَدْعَى الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ع فَقَالَ لَهُ يَا أَخِي إِنِّي مُفَارِقُكَ وَ لَاحِقٌ بِرَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَدْ سُقِيتُ السَّمَّ وَ رَمَيْتُ بِكَبِدِي فِي الطَّسْتِ وَ إِنِّي لَعَارِفٌ بِمَنْ سَقَانِي السَّمَّ وَ مِنْ أَيْنَ دُهِيتُ وَ أَنَا أُخَاصِمُهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَبِحَقِّي عَلَيْكَ إِنْ تَكَلَّمْتَ فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ فَإِذَا قَضَيْتُ نَحْبِي فَغَمِّضْنِي وَ غَسِّلْنِي وَ كَفِّنِّي وَ احْمِلْنِي عَلَى سَرِيرِي إِلَى قَبْرِ جَدِّي رَسُولِ اللَّهِ ص لِأُجَدِّدَ بِهِ عَهْداً ثُمَّ رُدَّنِي إِلَى قَبْرِ جَدَّتِي فَاطِمَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهَا فَادْفِنِّي هُنَاكَ وَ سَتَعْلَمُ يَا ابْنَ أُمِّ أَنَّ الْقَوْمَ يَظُنُّونَ أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ دَفْنِي عِنْدَ جَدِّي رَسُولِ اللَّهِ ص فَيَجْلِبُونَ فِي مَنْعِكُمْ مِنْ ذَلِكَ وَ بِاللَّهِ أُقْسِمُ عَلَيْكَ أَنْ تُهَرِيقَ فِي أَمْرِي مِحْجَمَةَ دَمٍ[1] ثُمَّ وَصَّى إِلَيْهِ ع بِأَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ وَ تَرَكَاتِهِ وَ مَا كَانَ وَصَّى بِهِ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع حِينَ اسْتَخْلَفَهُ وَ أَهْلَهُ لِمَقَامِهِ وَ دَلَّ شِيعَتَهُ عَلَى اسْتِخْلَافِهِ وَ
[1] المحجمة: قارورة الدم و هي التي يقال لها كأس الحجامة.