الْكَثِيرُ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَلِيلٌ وَ مَا فِي مِلْكِي وَفَاءٌ لِشُكْرِكَ فَإِنْ قَبِلْتَ الْمَيْسُورَ وَ رَفَعْتَ عَنِّي مَئُونَةَ الِاحْتِفَالِ[1] وَ الِاهْتِمَامِ لِمَا أَتَكَلَّفُهُ مِنْ وَاجِبِكَ فَعَلْتُ فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَقْبَلُ الْقَلِيلَ وَ أَشْكُرُ الْعَطِيَّةَ وَ أَعْذِرُ عَلَى الْمَنْعِ فَدَعَا الْحَسَنُ ع بِوَكِيلِهِ وَ جَعَلَ يُحَاسِبُهُ عَلَى نَفَقَاتِهِ حَتَّى اسْتَقْصَاهَا فَقَالَ هَاتِ الْفَاضِلَ مِنَ الثَّلَاثِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَحْضَرَ خَمْسِينَ أَلْفاً قَالَ فَمَا فَعَلَ الْخَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ قَالَ هِيَ عِنْدِي قَالَ أَحْضِرْهَا فَأَحْضَرَهَا فَدَفَعَ الدَّرَاهِمَ وَ الدَّنَانِيرَ إِلَى الرَّجُلِ فَقَالَ هَاتِ مَنْ يَحْمِلُهَا لَكَ فَأَتَاهُ بِحَمَّالَيْنِ فَدَفَعَ الْحَسَنُ ع إِلَيْهِ رِدَاءَهُ لِكِرَاءِ الْحَمَّالَيْنِ فَقَالَ مَوَالِيهِ وَ اللَّهِ مَا بَقِيَ عِنْدَنَا دِرْهَمٌ فَقَالَ لَكِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ اللَّهِ أَجْرٌ عَظِيمٌ.
وَ مِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ: خَرَجَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ع حُجَّاجاً فَفَاتَهُمْ أَثْقَالَهُمْ فَجَاعُوا وَ عَطِشُوا فَمَرُّوا بِعَجُوزٍ فِي خِبَاءٍ لَهَا فَقَالُوا هَلْ مِنْ شَرَابٍ فَقَالَتْ نَعَمْ فَأَنَاخُوا بِهَا وَ لَيْسَ لَهَا إِلَّا شُوَيْهَةٌ فِي كَسْرِ الْخَيْمَةِ[2] فَقَالَتْ احْلُبُوهَا وَ امْتَذِقُوا لَبَنَهَا[3] فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَ قَالُوا لَهَا هَلْ مِنْ طَعَامٍ قَالَتْ لَا إِلَّا هَذِهِ الشَّاةُ فَلْيَذْبَحَنَّهَا أَحَدُكُمْ حَتَّى أُهَيِّئَ لَكُمْ شَيْئاً تَأْكُلُونَ فَقَامَ إِلَيْهَا أَحَدُهُمْ فَذَبَحَهَا وَ كَشَطَهَا[4] ثُمَّ هَيَّأَتْ لَهُمْ طَعَاماً فَأَكَلُوا ثُمَّ أَقَامُوا حَتَّى أَبْرَدُوا فَلَمَّا ارْتَحَلُوا قَالُوا لَهَا نَحْنُ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ نُرِيدُ هَذَا الْوَجْهَ فَإِذَا رَجَعْنَا سَالِمِينَ فَأَلِمِّي بِنَا[5] فَإِنَّا صَانِعُونَ إِلَيْكَ خَيْراً.
ثُمَّ ارْتَحَلُوا وَ أَقْبَلَ زَوْجُهَا وَ أَخْبَرَتْهُ عَنِ الْقَوْمِ وَ الشَّاةِ فَغَضِبَ الرَّجُلُ وَ قَالَ وَيْحَكِ أَ تَذْبَحِينَ شَاتِي لِأَقْوَامٍ لَا تَعْرِفِينَهُمْ ثُمَّ تَقُولِينَ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ أَلْجَأَتْهُمُ
[1] احتفل في الامر: بالغ فيه.
[2] شويهة تصغير الشاة و الكسر- بالكسر-: الناحية.
[3] امتذق اللبن: اختلط بالماء.
[4] أي نزع جلدها.
[5] الم به- بتشديد الميم- نزل به و زاره.