الأمر بها و الحث عليها و الإشارة بذكرها و لعلها تزيد على خمسين موضعا أو أكثر.
وَ لَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ص نُسُكَهُ شَرِكَ عَلِيّاً فِي هَدْيِهِ وَ قَفَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ[1] مَعَهُ فَانْتَهَى إِلَى غَدِيرِ خُمٍّ فَنَزَلَ حِينَ لَا مَوْضِعَ نُزُولٍ لِعَدَمِ الْمَاءِ وَ الْمَرْعَى وَ نَزَلَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَ كَانَ سَبَبَ نُزُولِهِ أَنَّهُ أَمَرَ بِنَصْبِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ خَلِيفَةً فِي الْأُمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ وَ تَقَدَّمَ الْوَحْيُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ فَأَخَّرَهُ إِلَى وَقْتٍ يَأْمَنُ فِيهِ الِاخْتِلَافَ وَ عَلِمَ أَنَّهُ إِنْ تَجَاوَزَ غَدِيرَ خُمٍّ انْفَصَلَ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِلَى بِلَادِهِمْ وَ أَمَاكِنِهِمْ وَ بَوَادِيهِمْ فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَجْمَعَهُمْ لِسَمَاعِ النَّصِّ وَ تَأْكِيدِ الْحُجَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ[2] يَعْنِي فِي اسْتِخْلَافِ عَلِيٍّ وَ النَّصِّ عَلَيْهِ بِالْإِمَامَةِ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ فَأَكَّدَ الْفَرْضَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَ خَوَّفَهُ مِنْ تَأْخِيرِ الْأَمْرِ وَ ضَمِنَ لَهُ الْعِصْمَةَ وَ مَنَعَ النَّاسَ مِنْهُ فَنَزَلَ كَمَا وَصَفْنَا وَ كَانَ يَوْماً قَائِظاً شَدِيدَ الْحَرِّ وَ سَاقَ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنْ قَوْلِهِ إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ إِلَى آخِرِهِ وَ نَعَى إِلَيْهِمْ نَفْسَهُ وَ قَالَ قَدْ حَانَ مِنِّي خُفُوقٌ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ وَ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ أَ لَسْتُ أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فَقَالُوا اللَّهُمَّ بَلَى فَقَالَ عَلَى النَّسَقِ وَ قَدْ أَخَذَ بِضَبْعَيْ عَلِيٍّ ع فَرَفَعَهُمَا حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِمَا مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا عَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ انْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ ثُمَّ نَزَلَ وَ صَلَّى الظُّهْرَ وَ أَمَرَ عَلِيّاً أَنْ يَجْلِسَ فِي خَيْمَةٍ بِإِزَائِهِ وَ أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَيْهِ فَوْجاً فَوْجاً فَيُهَنِّئُوهُ بِالْمَقَامِ وَ يُسَلِّمُوا عَلَيْهِ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَ أَمَرَ أَزْوَاجَهُ وَ نِسَاءَ الْمُسْلِمِينَ بِهِ فَفَعَلَتْهُ وَ أَظْهَرَ عُمَرُ بِذَلِكَ سُرُوراً كَامِلًا وَ قَالَ فِيمَا قَالَ بَخْ بَخْ لَكَ يَا عَلِيُّ أَصْبَحْتَ مَوْلَايَ وَ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَ مُؤْمِنَةٍ وَ اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْإِنْشَادِ فَأَذِنَ لَهُ فَأَنْشَدَ
يُنَادِيهِمْ يَوْمَ الْغَدِيرِ نَبِيُّهُمْ
بِخُمٍّ وَ أَسْمَعُ بِالرَّسُولِ مُنَادِياً
.
[1] أي رجع معه.
[2] المائدة: 67.