وَ مَنَاسِكِي وَ هَدْيِي فَأَقِمْ عَلَى إِحْرَامِكَ وَ عُدْ إِلَى جَيْشِكَ وَ عَجِّلْ بِهِمْ إِلَيَّ حَتَّى نَجْتَمِعَ بِمَكَّةَ فَعَادَ فَلَقِيَ أَصْحَابَهُ عَنْ قُرْبٍ وَ قَدْ لَبِسُوا الْحُلَلَ الَّتِي مَعَهُمْ فَأَنْكَرَ عَلَى الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ فَاسْتَعَادَهَا وَ وَضَعَهَا فِي الْأَعْدَالِ[1] فَأَطْعَنُوا ذَلِكَ عَلَيْهِ وَ كَثُرَتْ شِكَايَتُهُمْ مِنْهُ حِينَ دَخَلُوا مَكَّةَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ مُنَادِيَهُ فَنَادَى ارْفَعُوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَإِنَّهُ خَشِنٌ فِي ذَاتِ اللَّهِ غَيْرُ مُدَاهِنٍ فِي دِينِهِ فَكُفُّوا عَنْ ذِكْرِهِ وَ عَرَفُوا مَكَانَهُ مِنْهُ وَ سَخَطَهُ عَلَى مَنْ رَامَ الْغَمِيزَةَ فِيهِ[2] وَ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ ص جَمَاعَةٌ بِغَيْرِ سِيَاقِ هَدْيٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ[3] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ وَ شَبَّكَ إِحْدَى أَصَابِعِ يَدَيْهِ بِالْأُخْرَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ قَالَ لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ ثُمَّ أَمَرَ فَنُودِيَ مَنْ لَمْ يَسُقْ هَدْياً فَلْيُحِلَّ وَ لْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً وَ مَنْ سَاقَ هَدْياً فَلْيَقُمْ عَلَى إِحْرَامِهِ فَأَطَاعَ بَعْضٌ وَ خَالَفَ بَعْضٌ وَ جَرَتْ بَيْنَهُمْ خُطُوبٌ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ رَسُولُ اللَّهِ أَشْعَثُ أَغْبَرُ وَ نَلْبَسُ الثِّيَابَ وَ نَقْرَبُ النِّسَاءَ وَ نَدَّهِنُ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ أَ مَا تَسْتَحْيُونَ أَنْ تَخْرُجُوا وَ رُءُوسُكُمْ تَقْطُرُ مِنَ الْغُسْلِ وَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى إِحْرَامِهِ فَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ خَالَفَ وَ قَالَ لَوْ لَا أَنَّنِي سُقْتُ الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ وَ جَعَلْتُهَا عُمْرَةً فَمَنْ لَمْ يَسُقْ فَلْيُحِلَّ فَرَجَعَ قَوْمٌ وَ أَقَامَ آخَرُونَ فَقَالَ لِبَعْضِ مَنْ أَقَامَ هَلَّا أَحْلَلْتَ وَ لَمْ تَسُقْ هَدْياً فَقَالَ وَ اللَّهِ لَا أَحْلَلْتُ وَ أَنْتَ مُحْرِمٌ فَقَالَ لَهُ إِنَّكَ لَنْ تُؤْمِنَ بِهَا حَتَّى تَمُوتَ.
فلذلك أقام على إنكار متعة الحج و صرح بتحريمها و نهى عنها.
قلت لو نقب[4] أحد مسند أحمد بن حنبل لوجد فيه أحاديث كثيرة تقتضي
[1] الاعدال جمع عدل- بالكسر-: و الحمل.
[2] الغميزة: ضعف في العقل و في العمل.
[3] البقرة: 196.
[4] نقب الاخبار: بحث عنها. و نقب- بتشديد القاف- عن الشيء: فحص فحصا بليغا.