اسم الکتاب : المباحث المشرقية فى علم الالهيات و الطبيعيات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 279
الفصل السادس في اثبات الرطوبة و اليبوسة
(اعلم) انا اذا قلنا الرطوبة ما لاجله يسهل للجسم قبول الاشكال فذلك
كلام مجازى لان السهل و الصعب من باب المضاف و الرطوبة و اليبوسة ليستا من باب
المضاف (بل التحقيق فيه) ان الرطب هو الذي لا مانع له في طباعه عن قبول التشكلات
الغريبة و عن رفضها و اليابس هو الذي في طباعة مانع يمنع عن ذلك مع امكانه و على
هذا التقدير يشبه ان يكون التقابل بينهما تقابل العدم و الملكة لان الرطوبة صارت
مفسرة بعدم المانع و يكون الاحساس بها ليس الا ان لا يرى مانع و لا معاوق و
باليبوسة ان يرى مانع و الرطوبة وحدها لا تدل على وجود الجسم و اليبوسة وحدها تدل
على ذلك (و مما يحقق ذلك) ان الرطوبة اما ان تكون قابلة للاشكال «او علة قابليتها
(فان كان الأول) لم تكن امرا وجوديا لان قابلية الشىء للشىء لو كانت زائدة على
الذات لكانت قابلية تلك الذات لتلك القابلية زائدة عليها فيتسلسل (و ان كانت
الرطوبة) علة لتلك القابلية فذلك محال لان الجسم لذاته قابل لكل الاشكال و لذلك
فان القبول حاصل لليابس و لما كان قابلية الجسم للاشكال حكما ثبت له لذاته استحال
ان يستدعى علة زائدة فثبت ان الرطوبة بهذا التفسير لا يمكن ان تكون امرا وجوديا (و
اقول) لو كانت الرطوبة على تفسيرهم كيفية وجودية فالاشبه انها غير محسوسة لان
الهواء لا محالة رطب بذلك المعنى فلو كانت الرطوبة محسوسة لكان يجب اذا كان هواء
معتدل لا حر فيه و لا برد و كان ساكنا لا حركة فيه ان يكون اللامس يدرك رطوبته و
لو كان كذلك لكان الهواء دائما محسوسا و لو كان الهواء دائما محسوسا لكان الجمهور
لا يشكون في وجوده و لا يظنون هذا الفضاء الذي بين السماء و الارض خلاء صرفا
اسم الکتاب : المباحث المشرقية فى علم الالهيات و الطبيعيات المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 279