اسم الکتاب : الفروق في اللغة المؤلف : أبو هلال العسكري الجزء : 1 صفحة : 82
و ادراك الحرارة و البرودة لا تختص بآلة و الله تعالى لم يزل
مدركا بمعنى أنه لم يزل عالما و هو مدرك للطعم و الرائحة لأنه مبين لذلك من وجه
يصح أن يتبين منه لنفسه. و لا يصح أن يقال انه يشم و يذوق لان الشم ملابسة المشموم
للأنف، و الذوق ملابسة المذوق للفم، و دليل ذلك قولك شممته فلم أجد له رائحة و
ذقته فلم أجد له طعما، و لا يقال ان الله يحس بمعنى أنه يرى و يسمع اذ قولنا يحس
يقتضي حاسة.
(الفرق) بين الإدراك و الإحساس
على ما قال أبو أحمد أنه
يجوز أن يدرك الانسان الشيء و ان لم يحس به كالشيء يدركه ببصره و يغفل عنه فلا
يعرفه فيقال انه لم يحس به، و يقال انه ليس يحس اذا كان بليدا لا يفطن، و قال أهل
اللغة كل ما شعرت به فقد أحسسته و معناه أدركته بحسك و في القرآن (فَلَمَّا
أَحَسُّوا بَأْسَنا) و فيه (فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ) أي تعرفوا
باحساسكم.
و قال بعضهم:
(الفرق) بين العلم و الحس
أن الحس هو أول العلم و
منه قوله تعالى (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ) أي علمه في أول
و هلة، و لهذا لا يجوز أن يقال ان الانسان يحس بوجود نفسه، قلنا و تسمية العلم حسا
و احساسا مجاز و يسمى بذلك لأنه يقع مع الاحساس و الاحساس من قبيل الادراك، و
الآلات التي يدرك بها حواس كالعين و الأذن و الأنف و الفم، و القلب ليس من الحواس
لان العلم الذي يختص به ليس بادراك و اذا لم يكن العلم ادراكا لم يكن محله حاسة، و
سميت الحاسة حاسة على النسب لا على الفعل لانه لا يقال منه حسست و انما يقال
أحسستهم اذا أبدتهم[1] قتلا
مستأصلا، و حقيقته أنك تأتي على احساسهم فلا تبقي لهم حسا.
(الفرق) بين الإدراك و الوجدان
أن الوجدان في أصل اللغة
لما ضاع أو لما يجري مجرى الضائع في أن لا يعرف موضعه، و هو على
[1] الكلمة في النسخ غير ظاهرة، و التصحيح من لسان
العرب.
اسم الکتاب : الفروق في اللغة المؤلف : أبو هلال العسكري الجزء : 1 صفحة : 82