اسم الکتاب : الفروق في اللغة المؤلف : أبو هلال العسكري الجزء : 1 صفحة : 74
(الفرق) بين العلم و الشعور
أن العلم هو ما ذكرناه،
و الشعور علم يوصل اليه من وجه دقيق كدقة الشعر و لهذا قيل للشاعر شاعر لفطنته
لدقيق المعاني، و قيل للشعير شعيرا للشظية الدقيقة التي في طرفه خلاف الحنطة، و لا
يقال الله تعالى يشعر لأن الأشياء لا تدق عنه، و قال بعضهم الذم للانسان بأنه لا
يشعر أشد مبالغة من ذمه بأنه لا يعلم لأنه اذا قال لا يشعر فكأنه أخرجه الى معنى
الحمار و كأنه قال لا يعلم من وجه واضح و لا خفي و هو كقولك لا يحس، و هذا قول من
يقول ان الشعور هو أن يدرك بالمشاعر و هي الحواس كما أن الاحساس هو الادراك بالحاسة
و لهذا لا يوصف الله بذلك.
(الفرق) بين البصير و المستبصر
أن البصير على وجهين
أحدهما المختص بأنه يدرك المبصر اذا وجد، و أصله البصر و هو صحة الرؤية، و يؤخذ
منه صفة مبصر بمعنى رأى، و الرائي هو المدرك للمرئي، و القديم رأى بنفسه، و الآخر
البصير بمعنى العالم تقول منه هو بصير و له به بصر و بصيرة أي علم، و المستبصر هو
العالم بالشيء بعد تطلب العلم كأنه طلب الابصار مثل المستفهم و المستخبر المتطلب
للفهم و الخبر، و لهذا يقال إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ و لا يقال مستبصر، و
يجوز أن يقال ان الاستبصار هو أن يتضح له الأمر حتى كأنه يبصره و لا يوصف الله
تعالى به لأن الاتضاح لا يكون الا بعد الخفاء.
و مما يجري مع هذا
(الفرق) بين البصر و العين
أن العين آلة البصر و هي
الحدقة، و البصر اسم للرؤية و لهذا يقال احدى عينيه عمياء و لا يقال أحد بصريه
أعمى، و ربما يجري البصر على العين الصحيحة مجازا و لا يجري على العين العمياء
فيدلك هذا على أنه اسم للرؤية على ما ذكرنا، و يسمى العلم بالشيء اذا كان جليا
بصرا، يقال لك فيه بصر يراد أنك تعلمه كما يراه غيرك.
اسم الکتاب : الفروق في اللغة المؤلف : أبو هلال العسكري الجزء : 1 صفحة : 74