اسم الکتاب : الفروق في اللغة المؤلف : أبو هلال العسكري الجزء : 1 صفحة : 198
التعجل[1] فيها كأنه
يقاربها مقاربة لطيفة من قولك أنى الشيء اذا قرب و تأنى أي تمهل ليأخذ الأمر من
قرب، و قال بعضهم الاناة السكون عند الحالة المزعجة.
(و الفرق) بينها و
بين التؤدة
أن التؤدة مفارقة الخفة
في الأمور و أصلها من قولك و أده يئده اذا أثقله بالتراب، و منه الموؤودة و أصل
التاء فيها واو و مثلها التخمة و أصلها من الوخامة و التهمة و أصلها من وهمت و
الترة و أصله من ترت فالتؤدة تفيد من هذا خلاف ما تفيد الاناة و ذلك أن الاناة
تفيد مقاربة الأمر و التسبب اليه بسهولة و التؤدة تفيد مفارقة الخفة و لو لا أنا
رجعنا الى الاشتقاق لم نجد بينهما فرقا و يجوز أن يقال ان الاناة هي المبالغة في
الرفق بالأمور و التسبب اليها من قولك آن الشيء اذا انتهى و منه (حَمِيمٍ
آنٍ)
و قوله (غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) أي نهايته من النضج.
و مما يخالف ذلك
(الفرق) بين الطيش و السفه
أن السفه نقيض الحكمة
على ما وصفنا و يستعار في الكلام القبيح فيقال سفه عليه اذا أسمعه القبيح و يقال
للجاهل سفيه، و الطيش خفة معها خطأ في الفعل و هو من قولك طاش السهم اذا خف فمضى
فوق الهدف فشبه به الخفيف المفارق لصواب الفعل.
(الفرق) بين السرعة و العجلة
أن السرعة التقدم فيما
ينبغي أن يتقدم فيه و هي محمودة و نقيضها مذموم و هو الابطاء، و العجلة التقدم
فيما لا ينبغي أن يتقدم فيه و هي مذمومة، و نقيضها محمود و هو الاناة، فأما قوله
تعالى (وَ عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى) فان ذلك بمعنى أسرعت.