اسم الکتاب : الفروق في اللغة المؤلف : أبو هلال العسكري الجزء : 1 صفحة : 194
يجري مجراه، قال: و يجوز أن يقال للشيء الواحد إنه خير و شر
اذا أردت بأحد القولين إخبارا عن عاقبته و انما يكونان نقيضين اذا كانا من وجه
واحد.
(الفرق) بين الصبر و الحلم
أن الحلم هو الامهال
بتأخير العقاب المستحق، و الحلم من الله تعالى عن العصاة في الدنيا فعل ينافي
تعجيل العقوبة من النعمة و العافية، و لا يجوز الحلم اذا كان فيه فساد على أحد من
المكلفين و ليس هو الترك لتعجيل العقاب لأن الترك لا يجوز على الله تعالى لأنه فعل
يقع في محل القدرة يضاد المتروك و لا يصح الحلم الا ممن يقدر على العقوبة و ما
يجري مجراها من التأديب بالضرب و هو ممن لا يقدر على ذلك و لهذا قال الشاعر:
يقال لتارك الظلم حليم
انما يقال حلم عنه اذا أخر عقابه أو عفا عنه و لو عاقبه كان عادلا، و قال بعضهم ضد
الحلم السفه، و هو جيد لأن السفه خفة و عجلة و في الحلم أناة و إمهال، و قال
المفضل السفه في الاصل قلة المعرفة بوضع الأمور مواضعها و هو ضعف الرأي، قال أبو
هلال و هذا يوجب أنه ضد الحلم لأن الحلم من الحكمة و الحكمة وجود الفعل على جهة
الصواب، قال المفضل ثم أجرى السفه على كل جهل و خفة يقال سفه رأيه سفها، و قال
الفراء سفه غير متعد و انما ينصب رأيه على التفسير، و فيه لغة أخرى سفه يسفه
سفاهة، و قيل السفيه في قوله تعالى (فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ
سَفِيهاً) هو الصغير و هذا يرجع الى أنه القليل المعرفة، و الدليل على أن الحلم
أجرى مجرى الحكمة نقيضا للسفه قول المتلمس:
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا
و ما علم الانسان إلا ليعلما
أي لذي المعرفة و
التمييز، و أصل السفه الخفة ثوب سفيه أي خفيف، و أصل الحلم في العربية اللين و رجل
حليم أي لين في معاملته في الجزاء