اسم الکتاب : الفروق في اللغة المؤلف : أبو هلال العسكري الجزء : 1 صفحة : 134
عالم يفيد فيه ما يفيد فيهم.
(الفرق) بين واحد و أحد
أن معنى الواحد أنه لا
ثاني له فلذلك لا يقال في التثنية واحدان كما يقال رجل و رجلان ولكن قالوا اثنان
حين أرادوا أن كل واحد منهما ثان للآخر، و أصل أحد أوحد مثل أكبر و إحدى مثل كبرى،
فلما وقعا اسمين و كانا كثيري[1] الاستعمال،
هربوا في احدى الى الكبرى ليخف و حذفوا الواو ليفرق بين الاسم و الصلة و ذلك أن
أوحد اسم و أكبر صفة و الواحد فاعل من وحد يحد و هو واحد مثل وعد يعد و هو واعد و
الواحد هو الذي لا ينقسم في وهم و لا وجود، و أصله الانفراد في الذات على ما
ذكرنا، و قال صاحب العين: الواحد أول العدد، وحد الاثنين ما يبين أحدهما عن صاحبه
بذكر أو عقد فيكون ثانيا له بعطفه عليه و يكون الأحد أولا له و لا يقال إن الله
ثاني اثنين و لا ثالث ثلاثة لأن ذلك يوجب المشاركة في أمر تفرد به فقوله تعالى (ثانِيَ
اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ) معناه أنه ثاني اثنين في التناصر و قال تعالى (لَقَدْ
كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) لانهم أوجبوا مشاركته
فيما ينفرد به من القدم و الالهية فأما قوله تعالى (إِلَّا هُوَ
رابِعُهُمْ) فمعناه[2] أنه يشاهدهم
كما تقول للغلام اذهب حيث شئت فأنا معك تريد أن خبره لا يخفى عليك.
(الفرق) بين الكل و الجمع
أن الكل عند بعضهم هو
الاحاطة بالأجزاء، و الجمع الاحاطة بالابعاض، و أصل الكل من قولك تكلله أي أحاط
به، و منه الاكليل سمي بذلك لاحاطته بالرأس، قال و قد يكون الاحاطة بالابعاض في
قولك كل الناس و يكون الكل ابتداء توكيدا كما يكون أجمعون إلا أنه يبدأ في الذكر
بكل كما قال الله تعالى (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ)^ لأن كلا تلى
العوامل و يبدأ به و أجمعون لا يأتي