responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد القلوب إلى الصواب المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 125

ازْدَدْتُ يَقِيناً.

فدل على أنه يشاهد الآخرة مع الغيب عنها-

وَ قَالَ ع‌ مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْكُمْ إِلَّا قَدْ عَايَنَ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ.

إن كنتم تصدقون بالقرآن صدق لأن اليقين بالقرآن يقين بكل ما تضمنه من وعد و وعيد و هو أيضا في قلب العارف كالعلم البديهي الذي لا يندفع و لأجل هذا منعنا من أن المؤمن يكفر بعد المعرفة و الإيمان فإن عارض أحد بقوله‌ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا قلنا آمنوا بألسنتهم دون قلوبهم كما قال الله تعالى‌ قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ‌ فالإسلام نطق باللسان و اعتقاد بالقلب فلما علم سبحانه أنهم لم يعتقدوا ما نطقوا به حقا نفى عنهم أنهم مؤمنون فأول مقامات الإيمان المعرفة ثم اليقين ثم التصديق ثم الإخلاص ثم شهادة بذلك كله و الإيمان اسم لهذه الأمور كلها فأولها النظر بالفكر في الأدلة و نتيجة المعرفة فإذا حصلت المعرفة لزم التصديق و إذا حصل التصديق و المعرفة لوجد اليقين فإذا صح اليقين أخالت أنوار السعادة في قلب بتصديق ما وعد به من رزق في الدنيا و ثواب في الآخرة و خشعت الجوارح من مخافة ما توعد به من العقاب و قامت بالعمل و الزجر عن المحارم و حاسب العقل النفس على التقصير في الذكر و التنبيه على الفكر فأصبح صاحب هذا الحال نطقه ذكرا و صمته فكرا و نظره اعتبارا و اليقين يدعو إلى قصر الأمل و قصر الأمل يدعو إلى الزهد و الزهد ينتج النطق بالحكمة لخلو البال من هموم الدنيا-

لِقَوْلِهِ ع‌ مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا اسْتَرَاحَ قَلْبُهُ وَ بَدَنُهُ وَ مَنْ رَغِبَ فِيهَا تَعِبَ قَلْبُهُ وَ بَدَنُهُ فَلَا يَبْقَى لَهُ نَظَرٌ إِلَّا إِلَى اللَّهِ وَ لَا رُجُوعٌ إِلَّا إِلَيْهِ.

كما مدح الله سبحانه إبراهيم ع بقوله‌ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ‌ يعني رجاع إلى الله لا نظر له للدنيا و على قدر يقين العبد يكون إخلاصه و تقواه و هذه الأحوال الصحيحة توجب لصاحبها حالا يراها بين اليقظة و النوم و يحصل باليقين ارتفاع معارضات الوساوس النفسانية لأنه رؤية العيان بحقائق الإيمان و هو أيضا ارتفاع الريب بمشاهدة الغيب و هو سكون النفس دون جولان الموارد و متى استكمل القلب بحقائق اليقين صار البلاء عنده نعمة و الرخاء مصيبة حتى أنه يستعذب البلاء و يستوحش لمطالعة العافية

اسم الکتاب : إرشاد القلوب إلى الصواب المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست