هواها و هي واحدة، لم يملك ضبط حواسه و هي
خمس، و إذا لم يملك ضبط حواسه مع قلتها و ذلتها صعب عليه ضبط خاصته[1] من اعوانه[2]
مع كثرة جمعهم (و خشونة جانبهم)[3]، و من لم
يضبط خاصته من اعوانه و هم نصب عينيه، لم يضبط عامته من رعيته في أقاصي بلاده و
اطراف مملكته. (فليس من عدو بعد قهر النفس أحق بالقهر من الحواس الخمس لانها)[4] أعوان النفس و دليلها على الشهوات
الموبقة؛ و قد رأينا قوة الحاسة الواحدة منها على انفرادها إذا أتت[5] على نفس من النفوس القوية الحذرة
ألهتها عن مصلحتها حتى توردها حياض[6] الموت،
فكيف[7] إذا
اجتمعت خمس على نفس واحدة؟
فمن ذلك أن الظبي مع شدة نفوره إذا سمع صوت أواني النقر مع تواتر
النقرات و اصطحابها ألهاه سماع ذلك عما يراد به فيلبث في مكانه[8]
حتى يأتيه الصياد فيقتنصه[9]، و الفيل
مع عظم جسمه و شدة قوته، يلهيه لين اللمس و يذهله عن نفسه حتى تنصب له المصائد
فيصاد و يذل و يركب عنقه، و الفراش[10] الذي
يستكين من حر الشمس إذا رأى ضوء النار أعجبه نورها و حسن منظرها فيلهيه ذلك حتى
يلقي نفسه فيها فتحرقه، و ذباب الورد المتتبع لطيب الأرائح[11]،
يطلب ما يقطر من أصل اذن الفيل عند هيجانه، فإنه يكون في طلب[12]
رائحة المسك و لا