الفرج، فإنه اذا رآك ذهب غيظه و خشع قلبه و
اوصل اليك ما يسرّك، فقال له الحارس: يرحمك اللّه فما دعاء الفرج؟ قال: من دعا به
صباحا و مساء ذهبت ذنوبه و دام سروره، و بسط اللّه في رزقه و اعانه على عدوه، و
كان آمنا من ظلم الجبارين و لا يموت الا شهيدا، قال الحارس[1]:
ثم كأنه حصاة[2] ملح ذابت
فلم[3] أر له
اثرا.
فرجع[4] الحارس،
فلما دخل على المنصور، نظر إليه و تبسم و قال:
ويلك[5] اتحسن
السحر[6]؟ قال: لا
و اللّه يا امير المؤمنين، و لكني وجدته و كان من حديثه كذا و كذا، فقال: (ادفع
اليّ الرقعة)[7]، فدفعها
اليه فنظر فيها و جعل يبكي ثم امر بنسخها[8]،
و امر للحارس بعشرة آلاف درهم، و قال: اتعرفون (من كان الرجل)[9]؟
قال الحاضرون: لا يا امير المؤمنين، قال: ذاك[10]
هو الخضر عليه السلام. ثم دفع الرقعة الى من قرأها على الحاضرين[11] فكان فيها مكتوب[12]:
«اللهم كما لطفت بقدرتك دون اللطفاء و علوت بعظمتك على العظماء و
علمت ما تحت ارضك لعلمك بما فوق عرشك، و كانت الوساوس[13]
كالعلانية عندك، و علانية القول كالسر في علمك، و انقاد كل شيء لعظمتك و خضع كل
ذي سلطان لسلطانك، و صار امر الدنيا و الآخرة كله بيدك، اجعل لي من كل هم[14] امسيت فيه فرجا و مخرجا، اللهم ان
عفوك عن ذنوبي و تجاوزك عن خطيئتي و سترك
[8] - تذكر بعض الروايات التاريخية ان الخليفة المنصور
تعلم دعاء الفرج( أو الحاجة) منذ اول عهده بالدراسة مع صديق له من اهالي الشام
يدعي« عاصم» و كان ذلك قبل توليه الخلافه.
انظر: التبر المسيوك في نصيحة
الملوك للغزالي، ص 345- 347.