[انك] لا تجهل شيئا مما اقول، قال: و كيف
لا اجهله و انا اسألك عنه؟ يا امير المؤمنين انك[1]
تسمعه و لا تعمل به.
قال:
فصاح به الربيع و اهوى إليه[2]
بيده إلى السيف، فانتهره المنصور و قال: هذا مجلس مثوبة لا مجلس عقوبة، فقال
الاوزاعي: يا امير المؤمنين حدثنا مكحول بن عطية قال: قال رسول اللّه صلى اللّه
عليه و سلم[3]: ايما
عبد جاءته موعظة من اللّه في دينه فإنها نعمة من اللّه تعالى سيقت اليه، فإن قبلها
بشكر و الا كانت حجة من اللّه عليه ليزداد بها اثما و يزداد اللّه بها عليه سخطا،
و قد بلغني[4] ان رسول
اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال[5]: ايما و
آل بات غاشا لرعيته حرم اللّه عليه الجنة.
امير المؤمنين من كره الحق فقد كره اللّه تعالى لان اللّه[6] هو الحق المبين. يا امير المؤمنين
ان الذي ليّن لك قلوب الامة حتى ولاك أمورهم- لقرابتك من نبيه صلى اللّه عليه و
سلم- لحقيق ان تقوم له فيهم بالحق و ان تكون فيهم[7]
بالقسط دائما و لعوراتهم ساترا، فلا تغلق (عليك الباب)[8]
دونهم و لا تقم عليك دونهم الحجاب و ابتهج بالنعمة عندهم[9]
و ابتئس لما اصابهم من مكروه.
يا امير المؤمنين لقد كنت في شغل شاغل من خاصة نفسك عن عامة الناس
الذين (اصبحت تملك)[10] احمرهم و
اسودهم و مسلمهم و كافرهم، و كل له عليك نصيب من العدل، فكيف بك اذا بعثك اللّه
يوم القيامة و ليس منهم احد الا و هو
[3] - حديث عطية بن بشر اخرجه ابن أبي الدنيا في مواعظ
الخلفاء. انظر الاحياء 2/ 348. و نجده في عيون الاخبار لابن قتيبة 2/ 339 بلفظ:«
من بلغه من اللّه نصحية في دنيه فهي رحمة من اللّه سيقت إليه، فإن قبلها من اللّه
بشكر و إلا كانت حجة من اللّه عليه ليزداد اللّه عليه غضبا، و ان بلغه شيء من
الحق فرضي فله الرضا، و ان سخط فله السخط، و من كرهه فقد كره اللّه لان اللّه هو
الحق المبين».