ثم أن أخشنوار لما بلغه مسير فيروز إليه حمل
نفسه على التثبت، و فوض أمره إلى الرب الاعلى[1]
و سأله[2] أن (يغضب
لعهوده)[3] و
مواثيقه التي لم يرع حقها فيروز و لا خاف تبعه[4]
نكثها، و اخذ مع ذلك بالحزم في سد الثغور، و جمع جنده ثم خرج إلى فيروز بعد ما
توسط أرضه و عاث في بلاده[5]، ففاجأه[6] أخشنوار و صدقه الحملة، فانكشف[7] فيروز منهزما و أسلم[8] ما كان بيده، فقتل اخشنوار رجاله
و غنم[9] أمواله،
و امعن في طلب فيروز فظفر به و قتله و أسر أهل بيته و حماة أصحابه و استولى على
بلاده، كل[10] ذلك بسبب
الغدر و نقض الميثاق.
و كذلك سبب أخيك لغدره بك و نقض ميثاق أبيك[11]،
فأنت الظافر به لا محالة.[12]
قال: فلما سمع المأمون كلام الشيخ تهلل وجهه[13]
و طابت نفسه و قال: لقد سمعت مقالتك فصادفت منا قبولا و شكرا و سرورا بها، ثم حياه
و أكرمه و عمل برأيه فأنجح اللّه[14] عمله، و
بلغه من الخلافة أمله.
[1] -إلى اللّه الاعلى: م. إلى اللّه عز و جل: ط. ق.